اخر الاخبار

تنشط وسائل التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة، بنشر أخبار وتفاصيل عددٍ غير قليل من الفعاليات الفنيّة والثقافيّة التي راجت في العديد من المحافظات، وسط حضور لافت ومشجع.

ويلاحظ من عدد الحضور ونوعه، وكم الفعاليات، وكَثرة النشر في مواقع التواصل الاجتماعي، حجم التعطش إلى مثل هذه الفعاليات الإبداعية، التي تسهم بدورها في خلق وعي جماعي بأهمية استثمار هذه الأنشطة واللجوء اليها، بدلاً ممّا يروج له من خنق الحريات وتزييف الوعي ونشر الحقد والكراهية من قبل مجموعات مأجورة تابعة لجهات سياسية متنفذة، تريد السيطرة على الوسط الثقافي، وتسخيره لصالحها، بهدف البقاء في السلطة.

ولم تسع مقاعد المسرحين الوطني والرشيد عدة مرات خلال اقل من شهر، المواطنين المتذوقين للفن والمتطلعين الى سماع الموسيقا والغناء ومشاهدة الفعاليات الفنية الإبداعية الأخرى، وأعلن القائمون على عدد من هذه الفعاليات انهم سيكررون عروضهم، نتيجة لعدم تمكن عدد غير قليل من المواطنين من مشاهدتها.

إنّ دلالة طلبات إعادة العروض، هي أن المؤسسات الثقافية لم تكن مستعدة تماما لمثل فعاليات ثقافية كبيرة كهذه، والإقبال الجماهيري عليها، ما يؤشّر ضعفاً واسعاً في بناء بنية تحتية ثقافية تتناسب مع الإمكانيات الكبيرة الإبداعية التي تنمو شيئاً فشيئاً، وبالتالي المتهم الوحيد في هذا الأمر هو منظومة المحاصصة والفساد، التي جعلت من الثقافة شيئاً هامشياً، أو مجرد رقمٍ في الكابينات الوزارية التحاصصية.

ولم نشهد طيلة الفترة الماضية تصريحا أو قرارا ببناء مسرح جديد، أو مكانا ثقافيا واسعا، سوى محاولات من القائمين على المؤسسات الثقافية وبجهود فردية لإعادة إعمار ما خرّبه إهمال المحاصصة والفساد.

ويكفي ان نشير هنا إلى ان شيئا لم يعلن عنه من لجان التحقيق الخاصة بقضايا الفساد التي أعلن عنها بعد تسمية بغداد عاصمة للثقافة العربية.

ونشير كذلك الى ان جميع الموازنات العامة السنوية، لم تعط للثقافة أي اهتمام سوى مبالغ يسيرة لإدارة الأمور اليومية، وهذا دليل دامغ آخر على غياب الرؤية الشاملة للقائمين على الحكم بأهمية الثقافة التي هي أحد محركات الوعي والامن والسلام والتعايش المشترك، وزد على هذا بما تريد.

إن أي بلد لديه ولو اقل بكثير مما نملك من طاقات وتراث ومواقع اثرية ومزارات دينية ورموز تاريخية، يمكن ان يحولها الى مورد مالي، ينعم به الشعب ويحقق لهم عيشاً كريماً، لكن هذا لن يحدث في منظومة المحاصصة الفاسدة، فليس من مشاريعها هذا، بل انها لا تسعى سوى الى الكسب غير المشروع.

عرض مقالات: