اخر الاخبار

فاجأني صديق عزيز بعزمه على مغادرة بغداد، محل ولادته وسكناه منذ ستين عاما، والتوجه إلى إحدى المحافظات لتكون محط استقرار عائلته، رغم اعتراضها، لا سيما أولاده الشباب. وحين سألته عن سبب قراره هذا أجاب بنبرة حزن تميل إلى خذلان لم أعهده فيه “لقد بدأت أحس بخطر يحيق بمستقبل أولادي. إذ لاحظت ارتباطهم بصداقات مع شباب من أعمارهم. ووجدت أن سلوكهم وطريقة فهمهم للحياة باتت بعيدة عن الطريق السوي.  ففي أزيائهم لمسة غرابة وفي تسريحة شعر رؤوسهم مبعث استهجان، همهم هو قضاء يومهم في ارتياد المقاهي وتدخين الأركيلة. وصاروا يتأخرون في العودة إلى البيت. كما انتبهت إلى ابتعادهم عن متابعة دراستهم وغيرها من الأمور التي تؤشر تخريب العلاقات الأسرية وعدم الاحترام. بينما كان ابنائي قبل ان يتورطوا في علاقاتهم مع هؤلاء الشباب الذين حدثتك عنهم، مثالا للتربية، وكانوا متفوقين دراسيا ويميلون إلى الاعتدال في ملبسهم والاحترام المتبادل مع محيطهم العائلي”. 

واضاف صديقي قائلا أن “صداقة أولادي مع هؤلاء الشباب، أفقدتهم القدرة على التفكير في مستقبلهم، وباتوا لا يعيرون التماسك الأسري الاهتمام المطلوب. لذا قررت الانتقال إلى محيط آخر، فلعل في هذا الإجراء دواء ينقذ اولادي من مغبة تلك الصداقات”. 

حديث صديقي المفعم بالألم ناقوس خطر بدأ يداهم البيوت الآمنة والمستقرة اجتماعيا. فالصداقة النبيلة منجم صغير الحجم فيه الكثير من المعادن المنتقاة التي تنتظر من يتأملها.

في ضوء معاناة صديقي الطيب هذا، أدعو كل الآباء، كل أولياء أمور الأسر، إلى الانتباه لمحيط أبنائهم.. من يصادقون؟ فالصديق قد يكون ملاكا أو إنسانا أو شيطانا.. الملاك في شكله وملامحه، والانسان في عقله وقلبه، والشيطان في مراميه وخبثه. والصديق الشيطان أخطر انواع الأصدقاء، وقد اتسع النوع الأخير، مع الأسف، في محيط واقعنا الحالي في ظل تداعيات الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والأمنية والسحت الحرام!