اخر الاخبار

تشكل الحسابات الختامية اداة أساسية للتحقق الفعلي لما تم انفاقه في السنة السابقة لإقرار الموازنة السنوية سواء بالنسبة للنفقات العامة وما تم جبايته من إيرادات لذلك فهي تمثل نظاما يتم بموجبه تقييم النتائج التي تترتب على تنفيذ الموازنة السنوية ليشكل منطلقا مهما للسلطة التشريعية للقيام بأداء دورها الرقابي على الحكومة باستقلالية تامة وضبط شاطها من خلال البيانات التي تقدمها والتي تمكن السلطة التشريعية من تحقق مدى التزام السلطة التنفيذية بما اقرته السلطة التشريعية.

 واذا كانت الحسابات الختامية بهذه الأهمية وهي كذلك بالفعل  فلماذا تجاهل مجلس النواب  هذه الحسابات  في جميع الموازنات السنوية التي اقر قانونها باستثناء السنوات التي لم ترسل الموازنة من الحكومة وخاصة في سنتي عام 1914 و2020  مع علمه التام ان هذه الحسابات تشكل جزء لا يتجزأ من الموازنة السنوية  وفقا للمادة 62 / أولا من الدستور التي نصت  بما لا تقبل التأويل على (يقدم مجلس الوزراء مشروع فانون الموازنة العامة والحسابات الختامية الى مجلس النواب لإقراره) والحقيقة ان هذا الخرق الدستوري تتحمله الحكومة فهي المسئولة عن ارسال الموازنة والحسابات الختامية في ان واحد طبقا لنص المادة المذكورة  .

   وأيا كانت التبريرات التي يسوقها مجلس الوزراء في ان الأسباب ترجع الى عجز الوحدات الحسابية في الجهاز الحكومي  عن استكمال الحسابات الختامية  بسبب إشكالية السلف التي لم تجر معالجتها  من قبل الوزارات وغيرها من الاسباب  فاذا حصل هذا الإخفاق في سنة ما او سنتين فهل تعجز الحكومة عن معالجة هذا الخرق الفاضح  بكل الادوات والاليات المتاحة لها ام  ان هناك أسبابا اخر تعرقل هذه المادة الدستورية وفي مقدمتها انتشار قوى الفساد المهيمنة على مختلف مفاصل الجهاز الحكومي  والتي تتخذ من تأخير ارسال الحسابات الختامية للتعمية على عمليات النهب والهدر المالي الذي بلغ مئات التريليونات من الدنانير  وفي هذه الجزيئة المفصلية يتحمل البرلمان المسئولية في محاسبة الحكومة على هذا الاهمال حسب الصلاحيات الدستورية  الممنوحة له كما ان أيا من أعضاء البرلمان يستطيع إقامة الدعوى لدى المحكمة الاتحادية  الا اذا كان في الامر أسباب تتعلق بفقدان الشفافية في عرض البيانات  الحسابية من قبل الحكومة   ومن المؤسف ان نسمع ان مجلس النواب سيقوم بدراسة الحسابات الختامية لعام 2014  كما فعل من قبل في دراسة الحسابات الختامية لعامي 2007 التي قدمت في عام 2011  واقرها في مدة نصف ساعة!

“ولتسليط الضوء  على تداعيات غياب الحسابات الختامية  والاثار المترتبة عليها سواء من قبل الحكومة او مجلس النواب فمعنى ذلك ان مجلس النواب يناقش الأرقام التخمينية في الموازنات السنوية  العامة التي تقدمها الحكومة دون ان تتوفر له معلومات عما انفق وانجز فعلا من موازنة العام السابق او العام الاسبق أي ان مرجعية المجلس عدا اجراء المقارنات بين بنودا لموازنة العامة قيد المناقشة وهي ارقام تخمينية  أخرى للأعوام السابقة  وهذا يعني من الناحية العملية ان مناقشة الموازنة تتم من قبل مجلس النواب دون ان تكون له معرفة بما جرى ويجري على ارض الواقع وما انفقته كل وزارة او هيئة مستقلة فعلا ومعرفة مواطن الفشل او النجاح للاستفادة من المعلومات في تقييم التخصيصات المقترحة من الحكومة للسنة الجارية.”*

نخلص من كل تقدم ان مهمة الحكومة معرفة كيفية ومكان صرف كل دينار في الموازنة وان الحسابات الختامية من الأهمية بمكان بحيث تمكن من الكشف عن حجم  المبالغ التي صرفت في السنين السابقة او التي ستنفق في السنوات  اللاحقة لتحديد اشكال التلاعب بالمال العام من قبل منظومات الفساد  واليات تجريمها وعمليات استردادها .وان بعض القوانين فيها من الثغرات ما تسمح وتشجع الوزارات والجهات المستقلة على البذخ في نهاية كل عام ما يجعلها تلجا  لانفاق ما تبقى من التخصيصات المالية بالوسائل والأساليب التي تسمح بالهدر والتلاعب بالمال العام.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 *رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزي للحزب الشيوعي العراقي

 

عرض مقالات: