اخر الاخبار

استهدف  البرنامج الحكومي لعام 2004 أوائل فترة الاحتلال، التحول نحو اقتصاد السوق، وهذا يعني من بين إجراءات عديدة السعي لخصخصة المؤسسات الانتاجية الحكومية، غير أن هذه السياسة اصطدمت باعتراضات جادة من قبل الكثير من الاقتصاديين والأحزاب السياسية العريقة لما لها من تداعيات خطيرة سواء على المستوى الاقتصادي أو المستوى الاجتماعي، ولهذا أرجأ الحاكم الإداري الأمريكي بول بريمر تنفيذ هذه السياسة لبعض الوقت من أجل  المزيد من الإقناع، وظلت الحكومات المتعاقبة منذ ذلك التاريخ تدور حول نفسها وتكرر هذا المفهوم في برامجها الاقتصادية. وفي الورقة البيضاء وجدت الحكومة كيما تخفف من هذه الاعتراضات بأجراء الإصلاحات الاقتصادية من خلال إدراج فقرة تنمية القدرة التنافسية للمؤسسات الحكومية.

ولأجل تفعيل عملية الإصلاح يقتضي أن تتخذ الدولة الإجراءات الضرورية من أجل حماية الاقتصاد من مخاطر العولمة الاقتصادية وتدخلات المؤسسات المالية الدولية المشروطة  وتأثيرها على إضعاف الاقتصاد الوطني، فيصبح تدعيم عملية التنمية وزيادة الدخل وتعظيم القدرة التنافسية للمؤسسات الحكومية التي تضمنتها البرامج الإصلاحية الحكومية والتي تتكرر في كل دورة حكومية وكانت إحدى مبررات تخفيض قيمة الدينار العراقي، من الواجبات الحكومية الأساسية في عملية الاصلاح الاقتصادي، يأتي ذلك بالتوازي مع برنامجها في التحول إلى اقتصاد السوق الذي هو بالأساس لم يأت بناء على إرادة سياسية، إنما استجابة إلى توجيهات المؤسسات الدولية متمثلة بصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ولاحقا منظمة التجارة الدولية في ظروف غير طبيعية مر بها العراق.

إن اتباع نهج الاصلاحات الاقتصادية من قبل الحكومة من الأمور الحتمية من أجل وضع الاقتصاد على سكة التنمية المستدامة، ولكن ينبغي أن لا يفهم على أن هذه الاصلاحات مقتصرة على سياسة الخصخصة عبر عملية هيكلة الشركات الصناعية الحكومية كما فعل العديد من البلدان الاسيوية التي تختلف عن ظروف العراق السياسية والاجتماعية والثقافية وإمكاناتها المالية فيتحول الاقتصاد إلى قطاع للاستثمارات الأجنبية، وما على الدولة إلا المباشرة بحراسته فضلا عن مخاطر الخصخصة في غياب معايير واضحة لتحديد المؤسسات القابلة للخصخصة ضمن القطاع الحكومي ما ينتج عن صراعات اجتماعية قد لا تستطيع الدولة إدارتها بأساليب حضارية تتماهى مع القواعد الدولية في احترام حقوق الانسان .

ومهما يكن شكل الإصلاح الاقتصادي الحكومي فلا معنى له مع وجود الفساد وغسيل الأموال بكل اشكالهما، ففي عام 2015 أثار تصريح وزير النفط العراقي عادل عبد المهدي، بأن “موازنات العراق المالية منذ عام 2003 وليومنا هذا بلغت 850 مليار دولار، وفقدنا بسبب الفساد أكثر من 450 مليار دولار لا نعلم أين ذهبت؟ وأن هذا المبلغ متحصل من عائدات النفط العراقية فقط ولا نعلم أين ذهبت الأموال المتحصلة من الموارد الأخرى”.

إن أهمية القدرة التنافسية تأتي من كونها تعمل على توفير البيئة التنافسية الملائمة لتحقيق كفاءة تخصيص الموارد واستخدامها وتشجيع الإبداع والابتكار وإدخال التكنولوجية بما يؤدي إلى تحسن وتعزيز الانتاجية والارتقاء بنوعية الانتاج ورفع مستوى الأداء وتحسين مستوى معيشة المستهلكين من خلال خفض التكاليف والأسعار، ولتحقيق هذه النتائج من الضروري العمل على:

  • مراجعة شاملة لإدارات المؤسسات الحكومية واستبدال الادارات الفاشلة بإدارات تتحلى بالكفاءة والنزاهة، قادرة على تطوير مؤسساتها الانتاجية والإلمام بالتجربة وإتباع الطرق العلمية في العملية الانتاجية.
  • اعتماد المعايير الاقتصادية العلمية في انتقاء المشاريع القابلة للخصخصة والتي ثبت فشلها في مواكبة العملية الانتاجية وتعرضت إلى خسائر لا تستطيع معها الاستمرار ضمن القطاع الحكومي.
  • مراجعة أساليب الانتاج في المؤسسات الحكومية وإدخال التقنيات الحديثة في الانتاج من حيث المكائن والمعدات والأساليب الحديثة في الانتاج وإتباع نظام إدارة الجودة من أجل تحسين نوعية الانتاج بما يستطيع المنافسة في السوق المحلية والسوق الخارجية.
  • توفير الحماية الكاملة لمنتجات المؤسسات الحكومية من خلال تنفيذ القوانين الحمائية التي تم تشريعها كقانون حماية المنتجات الوطنية وقانون المنافسة وقانون منع الاحتكار.
عرض مقالات: