اخر الاخبار

حين قرأتُ تقريراً عن نسبة الفقر في العراق، هالني ما قرأته رغم أنني أعرف ان أكثر من 50 في المائة يعانون الفقر، في بلد يُعتبر من أغنى البلدان بالثروات النفطية وغيرها. الاّ أن حكوماته المتعاقبة لم تنتمِ لناسه وأرضه بشكل حقيقيٍّ كامل، حيث أن العشوائيات في كلّ مفاصل الحياة انتشرت في كل مكان منه، بسبب الفساد المستشري وثراء الفاسدين على حساب الفقراء عبر اللصوصية المشرعنة والمضاربات بالعملة التي جعلتنا في دوّامة قلق دائم!

في المناطق الفقيرة والأكثر فقراً في وطننا، تعيش العائلات تحت خط الفقر، وبعضها من ذات الدخل المحدود التي أرهقتها الإيجارات وهزال الدخول بفعل الاستقطاعات والاجراءات المماثلة.

في كل محافظاتنا الوسطى والجنوبية وبضمنها العاصمة، انتشرت هذه المناطق وتجمعاتها السكانية بسبب اللامبالاة والفساد المستشري ، اللامبالاة ازاء معيشة الناس واحوالهم، عاشوا أم ماتوا ، أكلوا أم جاعوا ، سكنوا ام تشردوا،  المهم ان السيد المسؤول وعائلته وأقرباءه  يتنعّمون بحياتهم ويكتنزون الذهب والفضة وليذهب الشعب إلى الجحيم.

ساكنو العشوائيات هم الأكثر تضرراً في هذا الوطن، والأكثر ارتباطاً به وانغماساً بحبّه، فحينما ادلهمّت الخطوب وصاح الوطن: ها أولادي ، حتى انتفض الشباب من أبناء هذه الأحياء ملبّين نداءه وباذلين مهجهم في سبيل الدفاع عنه، والدليل هو الأعداد الكبيرة من الشهداء الذين روت دماؤهم الطاهرة ارضنا العزيزة حينما دنّستها ضواري داعش، وكذلك من هبّوا مطالبين بأبسط حقوق المواطنة والعيش الكريم  التي تقرّها كل دساتير الأرض والسماء، باحثين عن وطنٍ حلموا به حراً في انتفاضة تشرين الخالدة !

مَنْ تضرر ويتضرر بارتفاع سعر الدولار سوى الفقراء ؟! لهذا يحتاجون وقفة حقٍّ وبضمير حيٍّ نابضٍ بحب الوطن والناس، لننصفهم ونمسح عنهم عرق التعب والانتظار، ونمنحهم سكناً وعيشاً يليقان بهم وبتضحياتهم وإخلاصهم، وهذا حقٌّ مشروع لهم. لكن مَنْ يعي الحقَّ في زمن سادَ فيه الفساد للأسف؟! وأصبح الدولار سيّد العقول بعد الجيوب!

تجدهم مهووسين بالوطن حدّ التماهي، يحملونه غيرةً وشهامةً ومحبّةً وطنيةً خالصة، لا لشيء سوى أنهم فتحوا عيونهم فوجدوا الأرض تحتضنهم وهم في القماط، لهذا عشقوها منذ الوهلة الأولى وضحوا لأجلهارغم ما يعانون من شظف العيش وأزمة السكن!

ان على المسؤولين الالتفات للفقراء دائما، وحلّ المشكلات التي يعانون منها، وإعطاءهم ما يليق بوطنيتهم الحقيقية، وان لا يكون الأمر مجرد دعاية انتخابية وشعارات. وعلينا أن نعرف جيدا أن الوطن لناسه الفقراء، لا للفاسدين الذين ينهبون خيراته ويفرون بها الى ما وراء الحدود!!

عرض مقالات: