اخر الاخبار

منذ تشكيل الحكومة السابقة وحتى الآن ينشغل العراقيون بقلق بالغ جراء ارتفاع قيمة الدولار على حساب قيمة الدينار العراقي لما لهذا الارتفاع المتصاعد من انعكاسات شديدة الضرر والارباك ليس فقط على الاقتصاد العراقي وانما وهذا هو المهم تأثيره على حياة الناس المعيشية وتحول شرائح اجتماعية واسعة على حافة خط الفقر وتحته.

وفي العودة  إلى المبررات الأساسية التي دعت إلى رفع سعر صرف الدولار كما ذكر في حينه  من قبل البنك المركزي حسب الصلاحيات الممنوحة له نجد تظافر السياستين النقدية والمالية بالارتباط مع الورقة البيضاء التي أعدها وزير المالية السابق وتحولت إلى منهاج للحكومة المؤقتة،  لكننا كمتابعين لم نلمس أثرا للورقة البيضاء بدليل بقاء الاقتصاد كما عهدناه منكمشا ولم تتحقق العبارات المنمقة الواردة في الورقة، كما أنها لم تعالج الآثار الجانبية للورقة التي أضافت عبئا على حياة الناس ولم تحدد إطارا واضح المعالم لمستقبل سعر الصرف  والحفاظ عليه من التغيرات الاقتصادية على المستويين الداخلي والخارجي بالرغم من الاعتراضات الشعبية  والآراء التي طرحها الأكاديميون الاقتصاديون .

إن ارتفاع سعر الصرف الذي كان متوقعا أثار جدلا محتدما، فالمصادر المالية تعتمد على الموارد النفطية التي تخضع لعوامل داخلية وخارجية وتشكل المصدر الرئيس للأنفاق، وأن ظاهرة الفساد وغسيل الأموال على أشدهما وعمليات المضاربة بين المصارف العائدة للأحزاب المتنفذة والتشكيلات المسلحة تتحرك دون حسيب أو رقيب والتدخلات الخارجية في الشأن السياسي والاقتصادي لم تتوقف ومن كل ذلك نستنتج ان الحمى التي اصابت سعر الصرف تقف وراءها فوق كل هذه العوامل عوامل سياسية أساسا.

 إن ارتفاع قيمة الدولار والذي أثار غضب مختلف الشرائح الاجتماعية الفقيرة ومحدودة الدخل والذي انعكس بشكل مؤذ على ارتفاع المواد الاستهلاكية بما فيها المنتجة محليا رافقها ركود اقتصادي فج ما أدى إلى تحد قاس للحكومة التي تواجه مأزقا حرجا عجزت معه عن معالجة هذا الارتفاع الساخن والمتسارع بالرغم من انتقاد رئيس الحكومة لإجراءات الحكومة السابقة وتعهده بمعالجة هذا الخلل واعتبار ذلك من أولويات حكومته وجزء من منهاجه الحكومي.

ومشكلة ارتفاع سعر الصرف أظهرت غياب استقلالية البنك المركزي بعد تدخل البنك الفدرالي الأمريكي في وضع القيود على السياسة النقدية حيث قرر إيجاد منصة قي البنك المركزي لمراقبة تهريب  الدولار إلى  الخارج وغيرها من التحويلات المشبوهة قد يكون ذلك تم بالتنسيق مع البنك المركزي وهي خطوة رغم اشكالياتها ولكنها جاءت متأخرة بعد تهريب مئات المليارات من العملة الصعبة لطالما جرى التأكيد على البنك المركزي العراقي بضرورة ادخال التكنولوجية في مراقبة المصارف التي وصلت إلى 90 مصرفا عدا مكاتب الصيرفة، كما أن خطورة ارتفاع سعر الصرف  كانت من اهتمامات ممثلة الأمم المتحدة في العراق إذ أكدت في تقريرها إلى مجلس الامن الدولي  مؤخرا بأن التأخير في الإصلاح السياسي والنقدي والمالي الذي تمس الحاجة إليه والذي طال انتظاره واضح في جميع أنحاء البلاد وكان مثيرا للقلق في الآونة الأخيرة رؤية ارتفاع سعر الصرف في السوق الموازي .

إن تداعيات انخفاض قيمة الدينار العراقي كنتيجة لارتفاع سعر صرف الدولار على حياة الناس اليومية وانتشار الفساد وتدهور الاقتصاد العراقي والفشل المتراكم للحكومات المتعاقبة قد تصعد من احتجاجات المواطنين، الأمر الذي يتطلب اتخاذ تدابير عاجلة نشير اليها بالآتي:

  1. إصدار التشريعات التي تلزم الجميع بالتعامل بالعملة الوطنية وإبعاد المصارف المشبوهة من التعامل مع النافذة التي يقف وراءها السياسيون الفاسدون.
  2. مراقبة الكميات المباعة من نافذة البنك المركزي وزيادة حجمها في حدود الحاجة وتدقيق الاعتمادات المستندية التي يقدمها التجار والمصارف الأهلية وإدخال التكنولوجيا للتأكد من صحتها وإنزال العقوبات الصارمة بحق أصحاب الوثائق المزورة ووضع حد لتهريب العملة تحت اية واجهة.
  3. دعم الإنتاج الوطني وحمايته من منافسة البضائع المستوردة وفي نفس الوقت تنشيط دور وزارة التجارة بضبط احتياجات السوق العراقي من السلع الضرورية وصولا إلى تنظيم التجارة الاستيرادية وتصحيح الميزان التجاري.
عرض مقالات: