اخر الاخبار

في كل عام ينتظر العراقيون الدخان الأبيض الذي يخرج من مبنى البرلمان إيذانا بإقرار الموازنة السنوية بعد ان تكون قد درست في مجلس الوزراء على ضوء الصيغة الأولية التي تعدها وزارة المالية. ويأمل العراقيون ان تمنحهم هذه الموازنة نصيبهم من مالية الدولة الكفيل بإزالة براثن الفقر لتحسين حياتهم المعيشية، غير ان ما يحصل هو العكس فولادة الموازنة باتت عسيرة تأخذ أشهرا لإقرارها ما تزيد الشكوك بجدية الحكومة في انجاز هذه الشرعنة الدستورية.

ومن خلال تتبع الموازنات السنوية منذ عام 2003 توقف الاقتصاديون عند اهم المآخذ على تلك الموازنات، والتي يمكن الإشارة اليها وايجازها بالتالي:

1.عدم الانتظام في عملية الانفاق وذلك ناتج عن التأخر في اعداد الموازنة العامة للدولة والتأخر في إقرارها.

2.ان الموازنة تواجه إشكالية في التشريع المعتمد وعدم الالتزام به ما يؤثر على مراحل تنفيذها وتغييب الأهداف المرسومة لها.

3.الموازنة تعتمد على قانون الإدارة المالية والدين العام رقم 95 لسنة 2004 وتعديلاته الذي لم يعر اهتماما بالموازنة الاستثمارية في كافة الموازنات أسوة بالموازنة الجارية.

4.تتأثر الموازنة في وقت التنفيذ بجملة من العوامل ومنها المتغيرات السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد وخاصة اعتماها بنسبة 95 في المائة على الموارد النفطية التي طالما تتعرض لاهتزازات قاتلة بسبب الأوضاع الدولية غير المستقرة وارتباطا بضعف دور قطاعات الاقتصاد الأخرى في تدعيم الموازنة والتي لا تزيد نسبتها في أحسن الأحوال على 5 في المائة.

5.اتباع موازنة البنود التي تنبني على موازنات الوزارات التي تقرر حاجاتها وتؤسسها على ارقام تخمينية مضخمة  تنعكس على ارقام الموازنة السنوية مما تتسبب في غياب الأهداف الاستراتيجية وانعكاس ذلك على حجم النفقات العامة وزياداتها عاما بعد عام، وخلوها من نظام توزيع عادل، والمثال على ذلك تضخم رواتب موظفي الدولة التي تصل الى 60 تريليون دينار عراقي وغياب العدالة في توزيع هذه الرواتب، بحيث تحظى السلطات العليا بالقدح المعلى من الرواتب والامتيازات؛ فعلى سبيل المثال في موازنة 2021 بلغت رواتب رئاسة الجمهورية (35 65،9) مليار دينار. اما رواتب مجلس النواب فقد بلغت (228 ، 141  ) مليار دينار. فيما بلغت رواتب الأمانة العامة لمجلس الوزراء ومكتب رئاسة الوزراء (81،176 ) ومجموع رواتب السلطات الثلاث (344،956) مليار دينار، وان مجموع موظفي الرئاسات الثلاث 5926 موظفا، وبذلك يكون متوسط الراتب الشهري للموظف (4،850) مليون دينار، هذا باستثناء رواتب القضاة وأساتذة الجامعة.

6.ومن المآخذ المهمة على تنفيذ الموازنات السنوية ضعف دور الرقابة على كيفية تنفيذ الانفاق العام المحدد بالموازنات السنوية بالرغم من دوره الكبير في ترشيد الإنفاق وضبط الانحرافات والترشيد هنا يقصد به تدعيم الشفافية في العمليات المالية في نطاق تنفيذ الموازنة في تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية وتحرير أموال الدولة من أعباء قاتلة تتمثل في ممارسات الفساد الواسع وتهريبها وممارسة غسيل الأموال المسروقة امام عيون الأجهزة الرقابية.

7.والمأخذ الاعلى من كل هذه المآخذ غياب الحسابات الختامية عن كل الموازنات السنوية في مخالفة وتحد للدستور العراقي، الذي نصت عليه المادة 62 بحجج ذرائعية غير مقبولة والقاء اللوم على الوحدات الحسابية الحكومية بحجة إشكالية السلف دوان أي اهتمام جدي رغم تهويل صغائر المخالفات وكل ذلك قاد الى التجاوز على المال العام واخرها وليس اخيرها سرقة القرن. ان الحسابات الختامية التي انجز بعضها واخرها في عام 2013 دون فائدة لأنها لم ترتبط بالموازنة السنوية بوصفها جزءا لا يتجزأ منها اذ ان النفقات في الموازنة تبنى على ما انفق خلال السنة السابقة. ان هذا السكوت المستمر واثاره في تدمير الاقتصاد العراقي دعا سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي لإقامة دعوى في المحكمة الاتحادية المسئولة عن حماية الدستور تستهدف حماية المال العام من لصوص الدولة وتحقيق العدالة الاجتماعية وحماية الدستور التي تدخل في نطاق مهمات القضاء العراقي ومسؤولياته.

عرض مقالات: