اخر الاخبار

في ملعب جذع النخلة حين زغردت صافرة الحكم معلنة افتتاح بطولة خليجي البصرة 25 ، زغردت معها كل الملاعب والساحات والشوارع والأزقّة والأسواق والمقاهي والحارات والبيوت والبواخر والزوارق والنخيل والأنهار وأشجار الحنّاء والنوارس ومياه شطّ العرب وممالح الفاو وجبل سنام وشجرة آدم والأهوار وكل قلوب البصريين وضيوفهم من الأشقّاء الخليجيين والعرب والعراقيين .. معلنةً عرس البصرة ، المدينة التي تحمّلت وما زالت تتحمّل الكثير من الآلام منذ تمصيرها عام 16 هجرية وحتى يوم الناس هذا.

 لكنّها لم تعبس وتتجهّم أو تشيح بوجهها عن وجوه الآخرين أبدا، عانت ولا تزال تعاني من بقايا آثار الحروب العبثية والفساد المستشري في الضمائر والنفوس، والخراب المتزايد والأمراض التي تفتك بأجساد أبنائها، لكنّها فتحت وتظل تفتح قلبها قبل ذراعيها للقادمين، مهلّلةً ومرحّبة وناثرة الورد في كل شارع وفندق ومضيف وبيت !

المدينة التي داست وحفرت شوارعها مسرّفات الدبّابات والمدرّعات ذاتَ ليل أهوج، وأرعبت أطفالها ونساءها الصواريخ والراجمات وأزيز الطائرات، لم تهن أبداً، بل ظلّت شامخة سامقة كبيرة بما تمنحه من طيبة ومحبّة وجمال. طيبةُ أهلها فاقت كل التصوّرات وكرمُهم لا يضاهى، ومحبّة أهلها للآخرين حيّرت العقول وفاقت كل الصفات، وصناعتها للجمال بكل أشكاله أذهلت كلّ مَنْ زارها!

البصرة وقبل أن تزغرد الصافرة بشهرين وأكثر، كانت تستعدّ لهذا العرس الرياضي الكبير، وترسم لوحات ألقٍ ونكران ذات لا مثيل لها، هذه المدينة التي رسمت وما زالت ترسم أجمل وأبهى وأحلى وأغلى لوحات الطيبة والكرم والمحبّة ونكران الذات والجمال، التي سيتحدّث عنها القادمون إليها بعد عودتهم إلى ديارهم، تستحقّ منّا كلّ خير!

إنها سلّة العراق الغذائية، فلابدّ أن ننتبه إليها جيداً، لا أن نترك أبناءها يسكنون العشوائيات وبيوت الصفيح فيما أرضهم أغنى أرض، ولا أن نتركها بلا خدمات!

الفساد والمحاصصة والفئوية والحزبية الضيّقة لم ولن تبني وطناً أبدا، بل سيظلّ الترقيع واللطش والتستّر على الخراب والفساد واللصوصية، كابوساً جاثماً على صدر البلاد والعباد!

لنأخذ درساً كبيراً وعميقاً من خليجي البصرة وما قدّمه أبناؤها من سمو أخلاق ومحبّة وطيبة وكرم، أذهل القادمين وجعلهم في حيرة من أمرهم وماذا يقولون، ونبدأ بعد انتهاء هذا العرس الوطني الرياضي بالبناء والاعمار الحقيقي، لنؤكد أننا بناة وطن وأبناء حضارة حقيقيون..

 وهنيئاً للبصرة وأبنائها هذا العرس الذي لا يليق إلاّ بهم!

عرض مقالات: