اخر الاخبار

ان نوجه التهنئة الى رئيس الجمهورية  فأمر يمكن  تفهمه ووضعه في سياقات الأعراف السياسية،  والاعراف الدبلوماسية بالنسبة للدول الأخرى. ولكن ان تعلن اطراف معينة الانتصار وتنثر الورود في مناسبة عقد جلسة الانتخابات والتكليف، فأمر يثير الاستغراب.

فعلى من انتصرتم 

والمعيار في الحكم على المتغيرات يبقى دائما يتمثل في مدى الاقتراب من هموم الناس وتطلعاتها وتلبية حاجاتها، وفي ان يكون البلد  سيد نفسه ويتمتع بسيادته الكاملة وقراره الوطني المستقل. 

وكما في مرات سابقة سمعنا فيها  كلاما جميلا ووعودا تحول العراق الى بلد الرفاه والنعيم والاستقرار والامان، ثم تلاشت مع مضي الأيام، سنسمع الآن الكثير والكثير، وتبقى العبرة في ان تتحول الكلمات الى أفعال. فهل هذا مستطاع ؟ وهل ستتخلى منظومة المحاصصة والفساد عن مصالحها ونفوذها، خصوصا وان اقطابها كانت لهم اليد العليا في ترتيب الأوضاع بالشكل الذي أخرجت فيه، وبما يحفظ كامل الهيمنة والسيطرة لمن جُرب سابقا؟   والحديث هنا لا يتعلق بالأشخاص رغم أهمية دورهم، وانما الامر يتعلق قبل كل شيء بالمنظومة المستندة في نهجها وادارتها الى المحاصصة الطائفية – الاثنية، والتي كما قيل كثيرا انها  اسُّ البلايا وولاّدة الازمات، وان جرى تلطيفها باستخدام تعبير محبب للبعض اليوم، ونعني به “ التوافقية “. 

التجربة العملية منذ ٢٠٠٥ تقول بان نظام المحاصصة لا يولد استقرارا ولا امنا، وليس بامكانه ان يبني دولة مؤسسات وقانون او ينشئ اقتصادا ديناميكيا متطورا وقطاعات وطنية منتجة، او يستثمر واردات البلد لايجاد تنمية حقيقية، لا نمو رقمي يستند الى واردات النفط التي ليس بالمستطاع التحكم فيها، هبوطا وصعودا. 

هذا ما تشير اليه أيضا تجربة لبنان الذي يقترب اقتصاده من الإفلاس، ويعجز لمرات حتى عن انتخاب رئيس للجمهورية. 

السؤال هنا : هل العراق بحاجة الى حكومة ؟ بالقطع نعم. ولكن اية حكومة؟ واية مهام في ما الت اليه أوضاع البلد؟ والمسؤول عن ذلك هو المنظومة ذاتها، التي تقول وتردد الان انها تريد ان تفتح صفحة جديدة. ولقد جرب الشعب العراقي ذلك، حتى فقد الثقة بكامل المنظومة وفي قدرتها على تقديم شيء مفيد للشعب. 

نعم نريد حكومة، ولكن عليها ان تقوم بالاتي وهذا هو المحك: 

• تلبية حاجات العراقيين الملحة، ومن ذلك السلة الغذائية والماء والكهرباء، وتوفير الرعاية الصحية والتعليم. 

• عدم تبديد المتراكم من أموال في مشاريع فاشلة ومرتجلة، تشم  منها رائحة الفساد مسبقا. وان تعطى الأولوية للنهوض بالقطاعات المنتجة الوطنية.  

• تقديم  المجرمين المسؤولين عن قتل المتظاهرين والمنتفضين والنشطاء وأصحاب الراي الى المحاكم لينالوا جزاءهم  العادل . 

• البدء فعلا بكشف الملفات الكبيرة، بضمنها جرائم احتلال الموصل  وسبايكر وصفقات السلاح، وملفات الفساد، وتتبع مبلغ ٥٠٠ مليار دولار الذي ذكرت تقارير دولية انه  سرق او نهب من أموال الشعب العراقي. 

• حصر السلاح بيد الدولة والبدء بحل المليشيات أيا كان عنوانها واسمها، وان تكون جميع القوات حقا وفعلا وممارسةً بامرة القائد العام للقوات المسلحة. 

• ان تُضمن الحريات العامة والخاصة وحق التظاهر والاحتجاج والتعبير عن الرأي، وان يوفر الأمان والحماية للمواطنين. 

  ان تقدم قانون انتخابات عادل الى مجلس النواب لتشريعه، بهدف اجراء انتخابات مبكرة كما جاء في الوعود، وبما يعني حل مجلس النواب لنفسه.  

ان مدى الجدية في تنفيذ المهام والتحديات أعلاه وغيرها مما هو ملح، ستعكسه تركيبة الحكومة القادمة، ومدى نزاهة وكفاءة أعضائها وابتعادها عن المحاصصة والتوافقات والتطمينات لهذا الطرف او ذاك. 

وتقول التجربة أيضا ان ذلك كله لن يأتي على طبق من ذهب. فالحقوق والمطالب لا تُلبى عبر المكرمات، بل تنتزع بالضغط والحراك الجماهيريين والشعبيين، وبمختلف اشكال الحراك السلمي.  

عرض مقالات: