اخر الاخبار

تقول المعاجم اللغوية: إن النائب هو مَن قام مقام غيره في أمر أَو عَمَل، وجمعه نواب أو نائبون، وللمؤنث نائبة والجمع نائبات ونوائب.

والنيابة كثيرة، وتشمل العديد من الأعمال الإدارية والدينية والقضائية، والعسكرية، والاجتماعية، والسياسية.

 واليوم أزدهرت أسواق النيابة ومنابرها ووكلائها في الداخل والخارج، ودعاياتها ومهرجيها، وأصبحت وظيفة تباع وتشترى، كونها تدر أرباحا لا عد لها ولا حصر، وترفع من سمعة صاحبها ومكانته، ويجري التنافس عليها لحد القتل (الإنتخابات النيابية مثلا). وقد يتسنى للنائب أن يحل محل من قام مقامه و(هذا ما يحدث دائما) ويأكل الكعكة كلها إلى أن يأتي من يزيحه ويأخذ منصبه.

ومن المضحكات المبكيات، ولادة أعمال نيابية على الصعيد العراقي والعربي لم تكن موجودة من قبل، ولم نعهدها سابقا، ومنها (نيابة الدگات)، وهي شركات سرية علنية، للتأجير تتكفل بالقيام بالدگة العشائرية لصالح عشيرة ضد عشيرة أخرى، والتسعيرة حسب السلاح المستخدم (خفيف، متوسط، ثقيل) والرجال المشتركين في العملية، ووقتها وتصوير تغطيتها على الفضائيات، وهي بهذا تساعد في إبعاد تهم الإرهاب عن العشيرة المستفيدة، كما تظهرها بقوة جيدة أمام الخصم.  

ومن النيابات الجديدة القديمة التي أصبحت جزءًا من (الفولكلور الشعبي)، هي (نيابة وساطة المراجعة -التوريق-) يقوم عليها من يؤسس حفريات تصل المواطن المراجع بالموظف، بشكل غير مباشر، عبر أنفاق الرشوة والصفقات التي يكون الدخول فيها حسب تسعيرة الدولار ومزاج الموظف في تلك اللحظة، جاعلة من لجان النزاهة (أطرش بالزفة)، وأي مواطن لا يسلك هذا الطريق، فدونه التيه في الدوائر، والركض واللهاث دون أن يحصل على شيء يذكر، اللهم سوى التعب والتحسر والتوسل بهذا أو ذاك.

ومن الجديد أيضا (نيابة القيام بالفروض)، فهنالك شركات تقوم بأداء الفروض نيابة عن المرء أوعائلته مقابل المال، وفي أمور كثيرة أخرى، وتضع التسعيرة على الرأس حسب مزاج من يريد أن يفسر الفرائض حسب مطامعه وخدعه ويجعل منها خدمة أو سلعة للبيع وشراء من خلال الضحك على البسطاء، والدين والفروض منه براء.

ومع ذلك ورغم كثرة “النيابات الجديدة”، فأنها تعد غصنا بالشجرة الكبيرة التي اسمها مجلس النواب، والحديث هنا ليس للإطلاق، بل هو للتخصيص، فالبرلمان كما هو معروف هو لتمثيل المواطنين وسن القوانين التشريعية والسهر على مصلحة الشعب، ولكن الواقع يشير إلى أن البعض يريده ان يسير حسب مصلحة وولاءات النائب الحزبية والإقليمية، ومن أوصله إلى قبة البرلمان. ولهذا ماتزال بعض نيابتنا (محلك سر)، وبقاؤها هكذا يزيد من محنة المواطن، كما أن خروجها من الانسداد لا يفضي بخير أيضا له، لكونها ستأتي بصفقات تعيد (حليمة إلى عادتها القديمة) من محاصصة وتقاسم النفوذ. 

وليس أمامنا سوى ترديد قول شاعرنا الجواهري:

ما تشاؤون فاصنعوا           فرصة لا تضيع

فرصة أن تحكموا               وتحطوا، وترفعوا

وتدلوا على الرقا                 ب وتعطوا وتمنعوا

عرض مقالات: