اخر الاخبار

تشكل الصناعة في كل بلد العمود الفقري الذي يبنى عليه الاقتصاد الوطني وتعد الرافع الأساس الذي تتغذى عليها القطاعات الاقتصادية كلها وهو الأمر الذي يلقي على الحكومة العراقية واجب العناية الفائقة في تطوير هذا القطاع الحيوي   ومعالجة الاختلالات في بنيته من خلال سياسات علمية تقوم على البحث والتقصي واتخاذ القرارات السليمة التي ترتقي بهذا القطاع إلى مستوى التجارب العالمية الرائدة والتخلي عن سياسة الاقتصاد المفتوح الذي أدى في التحليل النهائي إلى تراجع مروع في الصناعة الوطنية.

إن استعراضا لواقع الصناعة العراقية بعد الاحتلال يكشف بوضوح تعطل جميع مكونات التصنيع والإنتاج في القطاع الصناعي وان هناك إصرارا حكوميا واضحا على تراجع هذا القطاع بدلالة المعطيات التي افرزتها الموازنات السنوية منذ عام 2003 بالرغم من حجم مبالغها الفلكية التي وصلت لغاية 2020 ب 1250 مليار دولار، فقد سبق للقطاع الحكومي أن لعب دورا محوريا في انعاش معدلات النمو في القطاع الصناعي وأن الكثير من منتجات الصناعة الوطنية كانت تحظى بقبول أسواق المنطقة اذ كان عدد المصانع يزيد على 227 مصنعا العاطل منها بعد عام 2003، 140 مصنعا فضلا عن ذلك فان هناك 18 الفا و167 من المشاريع الصناعية في القطاعين الحكومي والخاص متوقفة عن العمل وتشكل هذه المشاريع 23 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي فيما لا يشكل قطاعا الصناعة والزراعة حاليا اكثر من 7 في المائة من هذا الناتج.  ان الأسباب التي تقف وراء هذا التردي المروع يمكن تلخيصها بالاتي:

  1. عمليات السلب والنهب التي تعرضت لها المصانع الحكومية خلال فترة الانفلات الأمني الذي اقترن بدخول القوات المحتلة.
  2. اللجوء إلى نظام السوق المفتوح الذي رسمه الحاكم الإداري الأمريكي واستمرت عليه الحكومات العراقية اللاحقة وما ترتب على هذا النظام من تدفق السلع الاستهلاكية إلى السوق العراقية تطبيقا لسياسة الإغراق التي مارستها الدول الأجنبية وبضمنها المنتجات النفطية التي يفترض ان يكون العراق النفطي مكتفيا منها وكل ذلك يجري بطرق فوضوية.
  3. تقادم وسائل الإنتاج في المصانع القديمة التي يعود تاريخها إلى ستينات القرن الماضي وما بعدها واعتماد أساليب تقليدية في الإنتاج والتسويق ونقص كبير في الطاقة الكهربائية التي تعد سببا أساسيا في تنشيط حركة التصنيع.
  4. لجوء الحكومات إلى تعيين إدارات تفتقر إلى الكفاءة والخبرة في عمليات التصنيع، ولكن عرفت بفقر نزاهتها وسمتها الأساسية انتمائها إلى أحزاب السلطة.
  5. انتشار ظاهرة الفساد في المصانع الحكومية هذا إضافة إلى اتباع أساليب الاستثمار في العديد من المصانع العامة وهي تجربة ثبت فشلها في الإنتاج والعمالة بالإضافة إلى لجوء الحكومة إلى اعفاء المنتجات الصناعية المستوردة من دول الجوار من الرسوم الكمركية.

وبناء على ما تقدم نستنتج ان غياب عمليات التصنيع قد انعكس سلبا على أنشطة ونمو القطاعات الاقتصادية الأخرى في البلاد مما أبقى على استمرار الحاجة المتزايدة إلى المنتج الأجنبي لهذه الأسباب نقترح ما يلي:

  • قيام الحكومة ضمن برنامجها اللاحق بإيلاء اهتمام كبير للمصانع الحكومية القديمة العاملة حاليا والمعطلة عبر توفير التخصيصات المالية الكافية وتمكينها من منافسة حقيقية ومنتجة مع الشركات الأجنبية التي تتمتع بحركة تصنيعية ناشطة وصولا إلى إدارة نفسها ماليا وذاتيا بالارتباط مع تفعيل القوانين الحمائية للمنتجات الوطنية..
  • تنشيط عمليات التسهيل الائتماني من قبل المصارف الحكومية والأهلية بفوائد ميسرة يلعب فيها البنك المركزي دور الموجه والمراقب من أجل تحريك صناعات القطاع الخاص والمختلط والعمل الجاد على توفير مناخات مناسبة لجذب الشركات الاستثمارية الأجنبية.
  • اعادة النظر في عمليات بيع الدولار في نافذة البنك المركزي بالتنسيق مع وزارة التجارة والمؤسسات ذات العلاقة بهدف تحديد حاجة السوق إلى السلع غير المنتجة في الداخل ووجود طلب عليها والحد من عمليات تهريب العملة
  • تفعيل قانون الضمان الاجتماعي للعمل والاستفادة من التجارب العالمية من أجل تشجيع الطبقة العاملة على زيادة الإنتاج.
عرض مقالات: