اخر الاخبار

ما وجه الغرابة في  ان نرى الناس  تملأ الشوارع والساحات، محتجة غاضبة ، ومتحدية أساليب القمع والتنكيل وتشويه الحقائق وقلبها رأسا على عقب ؟ وما الذي  يدفع المواطنين في بلادنا  الى الصبر وعدم الخروج عن صمتهم والمطالبة بحقوقهم ؟ 

 وكم في وسع الفقير والكادح ومحدود الدخل ومن لا يجد قوت يومه ان ينتظر؟ وماذا ينتظر؟ 

قيل ان الحكومة الحالية حكومة تصريف اعمال ، وانها غير قادرة  على اتخاذ إجراءات كبيرة ، وان اجراءاتها ستبقى في حدود ما لها من صلاحيات ، خاصة في مجال التخصيصات المالية ..

الا ان خطوات هذه الحكومة في مجالات عديدة، والمدعومة من متنفذين ، لا تنسجم مع هذا القول ، ونشير مثلا الى التعيينات الجارية على قدم وساق وفي مواقع عدة ومهمة في الدولة، والتي تبدو كأنها تحضير لشيء قادم ، واستعداد لمعركة مقبلة هدفها النهائي الهيمنة الكاملة على ما تبقى من  مواقع  في مؤسسات الدولة ، فيما غالبية المواطنين لا تجد فرصة عمل. وهذا ينطبق على كل محافظات العراق من دون استثناء ، على البصرة والنجف وبابل والانبار والموصل والسليمانية واربيل و و.. .

أفلا يحق لمن يتلمس التمييز ويعاني منه ان يقول كفى؟ لقد تماديتم كثيرا! وللمحتجين  الباحثين عن فرص عمل ان يصرخوا: أما  شبعتم؟ اتركوا للفقراء والمسحوقين بعض الوظائف، من باب التورية والتغطية على افعالكم على الاقل؟

ولنا ان نسأل ايضا: اذا كانت التعيينات تجري على هذا النحو ، فلماذا شرع قانون مجلس الخدمة العامة وجرى تشكيل هذا المجلس؟

ماذا ينتظر مجلس النواب ، والحكومة ، والاموال الاضافية تتدفق على خزينة الدولة بفضل ما جاءت به التطورات الدولية، على ما فيها من اذى وقسوة على بعض الشعوب، وفي المقدمة  الاوكراني ، من ارتفاع في أسعار النفط ، الامر الذي اسقط حجة عدم توفر الأموال وعجز الموازنة المخطط وغير الواقعي ؟ ماذا ينتظر البرلمان والحكومة وهما يبصران ارتفاع الأسعار الجنوني واشتداد حالة الفقر، وعجز مؤسسات الدولة المتزايد عن الإيفاء بواجباتها وتقديم الخدمات العامة للناس؟ وهذا ما نشهده على نحو صارخ  في الصحة والتعليم والنقل، وفي مشاكل السكن والارتفاع في الإيجارات .

ان إجراءات الدعم الحكومية  الأخيرة لا تسمن ولا تغني من جوع، وقد ابتلعتها  الأسعار المرتفعة والتضخم قبل ان تصل الى من شملتهم ، هذا ان وصلتهم فعلا. اما إجراءات دعم الفلاحين، ففي مقابلها  فتحت أبواب الاستيراد على مصاريعها دون اعتماد الرزنامة الزراعية والتمسك بها، كما جاءت في وقت خفضت فيه المساحات المزروعة بعد الفشل المتواصل في تأمين حصة عادلة للعراق من مياه الأنهر والروافد ، وإصرار الجانبين التركي والإيراني على مواقفهما التي أضرت بالعراق كثيرا.

وحتى البطاقة التموينية لم تستقر على حال، ولم تُدعم المبالغ المخصصة لها في الموازنة العامة بل حصل العكس، كما لم  يجر تنويع مفرداتها وتحسين نوعيتها وانتظام توزيعها، وغدت اقرب الى المكرمة منها الى حق للمواطنين لتفادي الموت جوعا والبقاء، مجرد البقاء على قيد الحياة .

هذا إضافة الى استمرار ازدهار الفساد وحالة عدم الاستقرار وفلتان السلاح، واستمرار استهداف النشطاء والمحتجين ، كما حصل أخيرا في بابل وواسط .

هذا كله وغيره هو ما دفع ويدفع المواطنين الى تمزيق اكفان الصمت، وتعرية من يقف وراء معاناتهم ، ومواصلة الضغط للخلاص من المنظومة المسؤولة عن هذا كله وعن إبقاء بلادنا تختنق في دوامة الازمات.

عرض مقالات: