اخر الاخبار

في جلساتنا النسوية غالبا ما نتداول شكاوانا نحن  النساء من الأزواج ومعاناتنا في تسيير شؤون البيت وغيرذلك ، إلا صديقتنا إيمان التي هي الوحيدة التي تكيل المدائح وتسرد الأوصاف الرائعة لزوجها ، كونه الكريم ، الرؤوف على أولاده ، الوسيم ، الهادئ، وغيرها من الأوصاف الإيجابية. الأمر الذي يصيبنا بالدهشة أو لنقل بالغيرة. لكن ، وهنا بيت القصيد ، تذكر صديقتنا إيمان ان كل هذه الصفات لا تعزز رضاها عنه "بل وكثيرا ما كنت أبات ليلتي ودموعي تبلل مخدتي..". نسألها عن السبب، فتقول انه هو الأستاذ الجامعي المثقف اللبق، وأنا مدرسة الإعدادية المعنية بالأدب والإبداع والكتابة ، أحرص جدا على إكمال مهامي البيتية بدأب ، وعلى نظافة البيت ، وتدريس الأولاد ، وكي الملابس ، وتحضير وجبات الطعام ، وتحضير وجبة عشاء فاخرة ومنوعة خاصة به ، حتى تُستنفد طاقتي تماما. وما أن اجلس أمامه لأستريح ، وأطلق آهة التعب ، حتى يقول لي بنعومة " حبيبتي ليش أنت شنو مسوية "؟ أدير وجهي وأهمس "حبيبتي"!! فوكاها‍‍!!

تُرى لماذا لا تمتلك النساء وقتا كافيا لراحتهن؟ ولماذا يلازم الكثيرات خصوصا المبدعات منهن شعور دائم بضيق الوقت وقلة الانجاز ، ما يسبب لهن تعاسة وإجهادا ؟  تذكر الدراسات أن النساء يرزحن تحت وطأة العمل والرعاية المنزلية ، فيما يحصل زملاؤهن من الذكور على الشهادات العليا وفرص السفر والتقدم في العمل وغيرها ، من دون عبء التفكير بمن سيرعى الأولاد ويهتم بالبيت. كما تمضي المرأة العراقية حوالي ست ساعات من يومها في الرعاية المنزلية عدا ساعات عملها في خارج البيت ، ويُقدر ان 86 بالمائة من العمل المنزلي غير المدفوع تقوم به الطفلات أو النساء، وفقا لمسح أجرته منظمة العمل الدولية.

ويُعرَّف العمل المنزلي الرعائي بأنه الأنشطة والعلاقات التي تلبي الاحتياجات الجسدية والنفسية والعاطفية للبالغين وللأطفال ، سواء كانوا كبارا أو صغارا ، ضعافا أو قادرين جسديا. ويقع العمل المنزلي بغالبيته على عاتق النساء ، ويؤشر بعدا إقصائيا غير مُحتسب ولا مُحسوس ( كما في حالة صديقتنا إيمان) ، ولا يُعترف بأهمية هذا العمل للناتج القومي العام ، علما أنه يُعد نشاطا اقتصاديا يضيف قيمة وينتج الثروة والرفاهية الاجتماعية، بحسب تقرير البنك الدولي.

لكن بنظر المجتمع الذكوري، لا يُعترف به حتى على مستوى الجهد الجسدي ، حسب تعبير المحامية منال حميد غانم ، إذ تغلب فكرة "هي غسل مواعين وتنظيف .. شمسوية قابل طالعة عمّالة"! مقابل مثلا العمل في مجال البناء بالنسبة للرجل ، وهو على صعوبته مُثمن ومُحدد بوقت ويتضمن أوقات استراحة، ويمتلك العامل إمكانية رفض العمل أو حجم الأجر المقرر، والقدرة على قول: "لا" دون أن يعاقب بالتعنيف اللفظي أو الجسدي أو بنبذٍ مجتمعي أو وصمٍ أو فك رابطة زوجية لمجرد رفضه.