قبل أيام شنت أمانة بغداد بالتعاون مع القوات الأمنية، حملة واسعة لرفع تجاوزات البسطات عن الأرصفة في عدد من المناطق التجارية الحيوية في العاصمة، مثل الباب الشرقي والشورجة والكرادة والمنصور. وتأتي هذه الحملة في إطار مساعي الأمانة لإعادة تنظيم المدينة وتحسين انسيابية حركة المرور وسير المشاة، وهو ما يعد خطوة إيجابية مرحبا بها.
لكن ما غاب عن تفكير الجهات المنفذة هو البعد الاجتماعي والاقتصادي لهؤلاء الباعة. فالبسطات التي تم رفعها ليست مجرد تجاوزات، بل هي تمثل مصادر معيشة لمئات المواطنين، معظمهم من الشباب والخريجين الذين لم يجدوا فرص عمل في ظل الاقتصادي الريعي، وغياب الدعم الحكومي للقطاعات الصناعية العامة والخاصة.
إن رفع البسطات دون توفير بدائل مناسبة، مثلا تشييد أسواق شعبية منظمة أو مجمعات تجارية مخصصة للباعة المتجولين، يعني دفع هؤلاء إلى سوق البطالة، وتركهم وعائلاتهم بلا مورد للعيش. ويثير هذا الإجراء تساؤلات حول مدى عدالة تطبيق القانون، خاصة في ظل استمرار وجود تجاوزات أكبر من قبل جهات ووزارات ومؤسسات رسمية وأحزاب.
إن معالجة التجاوزات تتطلب دراسة شاملة وحقيقية تأخذ في نظر الاعتبار الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية. وإذا كانت الدولة عاجزة عن توفير فرص عمل كافية، فعليها على الأقل أن تضمن لهؤلاء الفقراء أماكن بديلة تحفظ كراماتهم وتؤمن لهم لقمة العيش.
نقول، يا أمانة بغداد التنظيم مطلوب، ونحن مع رفع التجاوزات، لكن بشرط أن يتم إيجاد البدائل لأصحاب البسطات، ولا يتم ذلك الا بإعادة تشغيل عجلة الإنتاج وعودة الصناعة والزراعة الى سابق عهدهما.