مشاكلنا لا حصر لها وكأننا نعيش بالقُدرة، بحسب رأي البعض.
أتحدث هنا عن عقدة العقد التي تؤرق العائلة العراقية، فما أن تُحل عقدة امتحان درس ما من سلسلة عقد امتحانات السادس الإعدادي ويتنفس الجميع الصعداء، حتى تأتي عقدة ثانية في توالي الدروس السبعة أو الثمانية المقررة.. وتتكرر "السبحة" حتى تنتهي الامتحانات ويبدأ قلق جديد أكبر من العقد السابقة في انتظار النتائج.
تظهر النتائج فتحل الكوارث، نتائج هذا العام متطرفة. إذ حصل عدد قليل على معدلات عالية وعدد قليل آخر على معدلات واطئة واختفت تقريبا معدلات الوسط من الستينيات والسبعينيات، على الرغم من مساعدة لجان التصحيح في رفع درجات الممتحنين من الواحد والأربعين إلى الخمسين مباشرة كما ذكرت لي مدرّسة في احدى اللجان.
حقا، امتحان بكالوريا السادس الإعدادي كابوس رهيب يهدد مستقبل الطالب وعائلته، التي غالبا ما بذلت أموالا طائلة في دفع أجور المدرسين الخصوصيين أو معاهد التعليم بعد إخفاق المدارس الحكومية، وحتى هذه المعاهد تسببت في فشل عدد من الطلبة (المنتسبين) الذين امتحنوا شهرين ونصف السنة فقط في مدارسهم، وأكملوا العام في بيوتهم اعتمادا على دروس المعاهد التي تركز على تدريس (ملازمها) الخاصة بها، وحدث الإخفاق حين جاءت الأسئلة من الكتب المُقررة للمدارس حصرا.
تابعت بنفسي كيف أن العديد من الأمهات والآباء واصلوا الليل بالنهار في مراقبة أبنائهم وبناتهم إثناء التحضير، وفي أيام الامتحانات تابعت يوميا تجمعات النسوة وهن جالسات على الأرصفة المقابلة للمراكز الامتحانية في انتظار إتمام بناتهن وأولادهن امتحاناتهم، متحملات حرارة الصيف وتوتر الانتظار.
قد نحكم على هذه التصرفات على أنها ضرب من المبالغة، صحيح أن الطالب بحاجة لمساندة الأهل ودعمهم لكن ليس لدرجة الطلب من الأبناء التحضير لمواد السادس الدراسية، بدءا من الصف الرابع الإعدادي! أو الدعوة لتجنب زيارة بيوت طلبة السادس الإعدادي، بل وسعي البعض إلى رفع أجراس منازلهم خشية إزعاج طلبتهم.
مشكلة نتائج العام الحالي تمثلت في خشية الكثير من الطلبة أداء الامتحان رغم التحضير المُكثف له، الأمر الذي أدى إلى تأجيل العديد من المواد إلى الدور الثاني. وحين أخفق الطالب في الدروس التي امتحنها، ثقلت عليه مهمة أداء الامتحان، خصوصا لطلبة الفرع العلمي ممن واجهوا صعوبة في أسئلة دروس الفيزياء والكيمياء والرياضيات.
مدة التحضير للدور الثاني لا تزيد على شهر واحد، لا تكفي في كل الأحوال، لكن وزارة التربية مضطرة للتعجيل بها تحضيرا لدوام السنة المقبلة، والى إظهار نتائج القبول في الكليات.
الطلبة المشمولون بامتحانات الدور الثاني فقط هم الذين لم يحصلوا على معدلات كافية لامتحان الدور الأول، ولا أحد يعرف حتى الآن لو إنهم سيحصلون على فرصة للامتحان في الدور الثالث أم لا؟!
في كل الأحوال يبدو الوضع معقدا، ولا حل له أسوة بالأنظمة التعليمية في الدول المتقدمة التي عدَّت الصف السادس غير مختلف عن بقية المراحل الدراسية.