موضوع الرسالة يخص صديقا كان قد عارض النظام السابق، ولحقه أذى منه، ثم توجع من ممارسات عهد ما بعد 2003 وهاله ما شاهد من انتهاكات وخطايا ومهانات للنساء والناشطين، فانكفأ إلى ما يشبه الاعتذار إلى صدام حسين، والابشع، انه قرّع نفسه عن تمرده على نظام "القائد الضرورة".. فكتبت له ما يلي، متجاوزا عبارة الخصوصية فيما بيننا:
"اعرف انك كنت غاضباً حيال المهانة الشنيعة اللاأخلاقية التي تعرض لها يافعٌ عراقي من قِبل منظومة أمنية وعلى يد "جلادين من ذوي المحابس الحزبية" كما قلت، وكان غضبك مشروعا، مثل غضبي، لولا أنك دخلت مدخل الغلط في تبييض سلوك دولة صدام التي شكّلت جرائمها التنكيلية الشنيعة بحق معارضيها، وحتى بحق قيادات وكوادر حزبها، مدرسة في تدمير حياة من لا يوالي السلطة والفرد الطاغية، فأقول لك إن هؤلاء الجلادين المنفلتين الذين أثاروا غضبك تخرجوا من نفس تلك المدرسة، وإنْ كانوا ضدها، وربما ضحاياها أيضا، ولعلمك فان الجلادين حيثما كانوا على وجه الارض، من فصيلة دم واحدة، مهما كانت العقيدة التي يحملونها، وهم يستهلكون من الضمائر بقدر ما يستهلكون من أحذية، وأنك إذْ غضبتَ على عارٍ سُجل على جلادين، فإنك (للأسف) ارتكبت عاراً لا يُغتفر بالاعتذار لجلادين سبقوهم وعلّموهم أقذر حرفة في التاريخ: إذلال الانسان.
*قالوا:
"خيانة القيم كالسمّ، تدخل تدريجيا، وتُفسد الجسم والروح"
غابرييل غارسيا ماركيز