من المعلوم أن الاقتصاد العراقي يعتمد 96 في المائة على صادرات النفط وأن الموازنات السنوية ما زالت تعتمد على أكثر من 90 في المائة على الموارد النفطية كما أن الإيرادات النفطية تشكل 42 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على الرغم من التصريحات الحكومية المستمرة بتقليل هذا الاعتماد من خلال تنويع مصادر الدخل لكنها لم تصل إلى الـ 14 ترليون دينار التي كانت جوهر تلك التصريحات بسبب ضعف الكفاءات التي تدير الاقتصاد الوطني وانتشار الفساد والهدر المالي وعجز الحكومة عن مواجهة هذه التحديات.
وتُظهر البيانات التي أظهرتها إحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء في وزارة التخطيط تحول الميزان التجاري بالاتجاه السالب بسبب اللجوء والإفراط في الاستيرادات لتلبية الحاجات الاجتماعية الاستهلاكية وحاجات الاقتصاد العراقي وخاصة في بعض القطاعات وبالخصوص قطاع البناء والتشييد، إذ أظهرت هذه البيانات في الاستيرادات السلعية غير النفطية لعامي 2020 و2021 فعلى سبيل المثال أن قيمة الاستيرادات في عام 2020 كانت 13.836 مليار دولار ما يعادل 16.5 تريليون دينار عراقي من مختلف الدول، أما في عام 2021 فكانت قيمة الاستيرادات 10.663 مليار دولار يقابله 15.5 تريليون دينار من 9 دول عالمية وأكثر هذه الاستيرادات من دول آسيوية وأن قيمة الاستيرادات من الدول العربية كانت أقلها فقد بلغت 801 مليون دولار يقابلها 1.170 مليار دينار وان الفرق بين الاستيرادات والصادرات قد بلغت قيمته في الميزان التجاري وبالاتجاه السالب 6.480 مليار دولار يقابلها 9.517 تريليون دينار.
والأدهى من ذلك أن تعاملاتنا مع دول الجوار وخاصة مع تركيا وايران والتي تناهز عشرات المليارات فأنها تتجه بالإيجاب لصالح هاتين الدولتين يقابلها أضرار ومخاطر ملموسة منهما من خلال تخفيض نسبة الوارد من تدفقات المياه بالحدود القصوى ما وضعت العراق بدرجة عالية المخاطر المستمرة التي تهدد مستقبل القطاع الزراعي والاستقرار وفي نفس الوقت السعي لعرقلة عملية الاكتفاء الذاتي التي يحاول العراق انتهاجها، فعل سبيل المثال تصريح المدير العام لمكتب غرب آسيا لمنظمة تنمية التجارة الإيرانية عبد الأمير ربيهاوي في السابع من شهر حزيران من عام 2022 بأنه على الرغم من انتاج حديد التسليح في العراق إلا أن هذا البلد لا يستطيع حظر استيراد حديد التسليح من ايران بسبب ارتفاع الطلب على هذا المنتج لافتقار العراق لتقنيات ايران في بعض المزايا المعدنية وزاد على ذلك التحايل على الرسوم التي يفرضها العراق.
وتتفق العديد من الدراسات على مقاربات مشتركة وخاصة في العلاقة بين سعر الصرف للدينار العراقي مقابل الدولار في السوق الموازية الأكثر فاعلية خلال الفترة بين عام 2004 وعام 2020 وأن زيادة الاعتماد على الصادرات النفطية بشكل رئيسي أدى إلى تعميق أحادية الاقتصاد العراقي كما أظهرت أن خفض أو رفع سعر الصرف للعملات الأجنبية لا يؤثر على حجم الصادرات النفطية لكون أسعاره وكمياتها تحدد عالميا وفقا لقوى العرض والطلب بينما يؤثر سعر الصرف الأجنبي في الحد من الاستيرادات غير الضرورية، في حين أثبت الجانب القياسي ونتائج الاستجابة الطويلة الأجل وجود تأثير غير معنوي عكسي ضعيف بين سعر الصرف والصادرات غير النفطية في العراق، واظهرت نتائج الاستجابة طويلة الأجل وجود تأثير معنوي بين سعر الصرف والاستيراد في العراق (المجلة العراقية للعلوم الاقتصادية العدد 78 مجلد 21).
وبناء على ما تقدم ولمعالجة الخلل في الميزان التجاري ومعالجة هيكلية الصادرات لابد من اتخاذ الإجراءات التالية:
- بذل اهتمام استثنائي بتنويع هيكل الصادرات وتعددية السلع المصدرة في الميزان التجاري لتوليد العملة الأجنبية التي يحتاجها العراق للمساهمة في تمويل برامج التنمية الاقتصادية.
- العمل الجدي لبناء قاعدة إنتاجية واسعة ومتنوعة خاصة الصناعية كأساس للصناعة التحويلية حصرا واعتماد منتجات ذات قدرة تنافسية عالية في السوق الدولية.
- رفع درجة الصادرات في الميزان التجاري، خارج إطار المواد الأولية الاستخراجية، كمنتجات قابلة للتصدير مثل المنتجات الزراعية إلى جانب الصناعية التحويلية.