هل يمكنك أن تقرأ طوال خمسين سنة، وتعبّ مئات الروايات والمخطوطات ودواوين الشعر وكتب علم الاجتماع والدراسات المستقبلية، وان تصبر على اكمال قراءة مجلد "موبي ديك" المعقد والمتشابك، وتفكك خطب صدام حسين ومؤلفات اسحاق دويتشر والمركيز دي ساد ونيتشه وامهات كتب التراث، بثلاث لغات حية: العربية والانكيزية والروسية، ثم (بعد ذلك) تؤلف كتابا واحدا لا يتجاوز عدد صفحاته المائة والاربعين، عن شخصية صدام حسين، هي خلاصة كل ما قرأتَ وتأملتَ؛ اذ تراه فنانا بارعا في تدمير كل من القاه حظه العاثر على طريقه: دولا وأحزابا واشخاصا. وقد تجبّرَ على الله ومخلوقاته، وانتهى قبل عقدين من السنين الى خارج المعادلة بعد ان تسببت حماقاته في كل ما حل بالعراق من كوارث، فيما تحاول (الآن) إهابات صوتية إحياءه من قاع التقويم الفاجر للماضي.
احدثكم هنا عن (واحرضكم على قراءة) هذا الكتاب الذي ألفه "رياض رمزي" منذ سنوات بعنوان "الدكتاتور فناناً". وقال في مقدمته، ما له صلة بأحوالنا اليوم: "بالرغم من ان العراقيين، على عكس الشعوب الاخرى، لا يعِدون ظاهرة العنف حالة طارئة في تاريخهم، فأنهم مع اطراد الكوارث المفجعة كثيرا ما يتساءلون: أي لعنة خيمت عليهم؟ وما هو سبب هذه التراجيديا التي بدأت تقود الى اعتقاد سطحي لدى البعض يتمثل في تسمية مبسطة يطلق عليها عادة "سوء الطالع"؟
*قالوا:
"تحدّث رجلٌ، فقال: هربتُ من الحجاج حتى مررتُ بقرية، فرأيت كلبا نائما في ظل حبّ (زير) فقلت في نفسي ليتني كنت كلبا لكنت مستريحا من خوف الحجاج، ومررتُ، ثم عدتُ من ساعتي فوجدت الكلب مقتولا".
ابن نباتة - سرح العيون