كلّ الدعم والإسناد الرسمي والحكومي يُوجَّه إلى كرة القدم، ونسينا الألعاب الأخرى، وخاصة الألعاب الفردية، حيث إن كرة القدم تحظى بالدعم الكامل من قبل الدولة، ورغم خساراتها وتراجع مستويات فرقها، فإن الإصرار والتوجّه لا يزالان قويّين لها، لأنها اللعبة الشعبية الأولى التي لا تغيب عن ملاعبها الشمس، وهي العشق الجماهيري الأول في أغلب القرارات. وقد تسبب ذلك، بشكل أساسي، في تراجع مستوى بقية الألعاب، سواء كانت فردية أو جماعية.
لقد نسينا بقية ألعابنا، وهذا يعود إلى سياسات الاتحادات الرياضية المشرفة عليها، لأنها تساهم في الصمت وعدم الاهتمام ببقية الألعاب. ولأنها (الاتحادات) تحظى بالاهتمام فوق الطبيعي، نجدها تندفع هي الأخرى نحو كرة القدم، مهملة ألعابها الأخرى.
بينما دول العالم المتقدمة وغيرها تندفع باتجاه كل الألعاب التي تحقق الميداليات والنجاح والتقدم.
وما حصل في وطننا هو أننا أحرزنا ميدالية أولمبية واحدة في أولمبياد روما عام 1960، وبقينا نتغنّى بها، ولم نسعَ لإحراز غيرها، لأننا لم نمنح الألعاب الفردية الاهتمام اللازم، ولم نفعّل وننشّط رياضتنا لتحقيق الإنجاز المطلوب. لقد آمنّا بكرة القدم فقط، ولم نسعَ لتطوير ورعاية بقية الألعاب، فكانت النتيجة أننا لم نحقق إنجازاً يُذكر في كرة القدم، ولم ننجح في بقية الألعاب.
أما دول العالم المتحضرة، فقد بذلت جهودًا كبيرة، وخطّطت لعملها الرياضي، وبرمجت نشاطها، وقدّمت لرياضتها كل العون والدعم، ولكافة الألعاب دون استثناء، وها هي اليوم تحصد الميداليات المتعددة والملونة، وترفع شأنها بين الأمم والشعوب.
أما نحن، فما زلنا نهتم بكرة القدم، ونتجاهل بقية الألعاب الرياضية، خاصة تلك التي كنّا فيها متقدّمين وناجحين، لكنها تراجعت اليوم (وبجدارة)، حتى عن مستويات دول الجوار والمنطقة.
وهنا نقول لقادة الدولة ومسؤولي الحكومة: عليكم الاهتمام ورعاية الألعاب الفردية، لأنها تشكّل ثروة من الميداليات التي نسعى لها ونتطلع إليها.
الاهتمام ورعاية كل الأنشطة الرياضية، لكافة الأبطال من البنين والبنات، ستكون فرصة ذهبية لرياضيينا، ودافعًا لتحقيق الإنجازات التي ستكون أساسًا لنجاح كل الألعاب، ومنها الألعاب الجماعية التي ستتقدم خطوات كبيرة في مختلف الأنشطة.
ونطالب بدعم وإسناد الألعاب الفردية بشكل متميّز، لأنها تحقق إنجازًا مباشرًا، ولا تكلّف الكثير من الأموال، على عكس الألعاب الجماعية والفرقية، التي تتطلب ميزانيات ضخمة. كثير من بلدان العالم المتحضر تمارس هذه الألعاب وتقدم لها الدعم، بالإضافة إلى دور الاحتراف في تمويل هذه الألعاب، مثل كرة القدم، وكرة اليد، وكرة الطائرة، وكرة السلة، دون الحاجة إلى تدخل الحكومات.
لذا، أناشد الاتحادات الرياضية المشرفة على الألعاب الفردية أن تطرح برامجها ومناهجها أمام المؤسسة الأولمبية، وأن تقدم طلباتها المعقولة، مدعومة بإنجازات أبطالها المتميّزين القادرين على حصد الميداليات وتحقيق المراكز المتقدمة على المستويات المحلية والعربية والقارية.
كما على هذه الاتحادات أن تُعلن عن كفاءاتها وقدراتها، أما الاتحادات الفاشلة والخائبة، فعليها أن تتحلّى بالشجاعة وتقدّم استقالتها في حال عدم تقديمها أي نتائج أو إمكانيات متميزة.
علينا أن نُساند الاتحادات النشطة، المتميزة، البارزة. وهنا أؤكد على دور وأهمية الألعاب الفردية وضرورة العمل الجاد معها، لأنها ستُساهم في تنشيط الواقع الرياضي ودفعه إلى الأمام.
ولنا عودة.