لم يصادف ان اجتمع عشرة عراقيين، من النُخب التي كانت تتابع اخبار الحرب بين اسرائيل وايران، ان يتفقوا على رأي أو موقف، حيال ما طرحته، وما ستنتهي اليه، والاهم، ما كان يلزم العراقي من واجب، واولوياته، بين فروض الجيرة، وفرض المصالح الوطنية، وافتراض المسؤول عن اضرام هذه الحرب، عدا عن موصوف الحرب كعدوان اسرائيلي سافر، حدث ضمن سلسلة من الافعال وردود الفعل، الشرعية. العبثية. المخطط لإشعالها. الضحية لها. المستثمر فيها. الخادع بتوليف دواعيها. الوديع في التقاط طعم الخديعة. ولها صفات اخرى تزيد عما يخترعه خيال الكسالى.
واللافت، انك لم تعثر على حد أدنى من اتفاق الرأي بين تلك العشرة المتناقشين في شأن الحرب والمعلومات المتداولة عن مجرياتها، وحتى بين اثنين منهم، تأخذهم الحمية الى التخندق في وجهة نظر لا ينزل لها احدٌ غيرهما، فيما تتطور المشاجرة الى اتهامات، والاتهامات الى تخوين، والتخوين الى نظريات، ونظريات مضادة، ومعلومات واخرى تفندها، وفي غضون ذلك تتقافز من التقويم اسماء غيبتها اعمدة الدخان، بينها اسماء مدن طمرتها الحروب تحت الارض، وامبراطوريات اختفت عن الخارطة، وعلى الشاشات الملونة قدم صاحب البرنامج الحواري جوقة باربعة اصوات عراقية، اتفقوا مع الشيطان ولم يتفق اي واحد منهم مع الآخر..ثم.. فاصل ونعود.
*قالوا:
"في اواخر تشرين الاول من عام 1779 حدثت مشاجرة بين شخصين قرب مقبرة الشيخ عمر، فلما سمع اهل الميدان بها اتخذوها ذريعة لاعلان الثورة، وأخذوا يصرخون عاليا بانهم لا يريدون الوالي".
علي الوردي- لمحات- الجزء الأول