اخر الاخبار

انتخابات تشرين الأول الماضي لم تكن الأولى ولن  تكون الأخيرة في ما شابها من ثغرات ونواقص وخروقات يتداولها المواطنون، اذا جرت الانتخابات القادمة أيضا في الظروف السياسية والتشريعية والأمنية واللوجستية ذاتها، واذا استمر عدم حرص  الأطراف المشاركة فيها  على ان تكون الانتخابات ساحة شفافة للتنافس وتقديم الأفضل للمواطنين، وفق برامج قابلة للتطبيق. وهذا برغم ان هناك من يقول انها الأفضل قياسا الى عدد من  الإجراءات  التي أقدمت عليها المفوضية والحكومة،  وما وفرته القوات الأمنية من حماية .

ويعلم الكل ان الانتخابات الاخيرة كان يراد لها ان تكون مدخلا لوضع العراق على طريق يفضي الى تغييرات جدية ، فاذا بها تتحول الى ازمة خانقة جراء اعتراض قوى عديدة على نتائجها ، وما رافق ذلك من تصعيد وتوتر، خاصة ما حصل يوم الجمعة الماضية  من صدامات ومواجهات كان لها ضحاياها من القوات الأمنية ومن المتظاهرين المحتجين على النتائج .     

ويبدو المشهد حتى الان يتجه نحو المزيد من الاستعصاء السياسي ، فكيف ستتم حلحلة الوضع؟  هل بتغيير نتائج الانتخابات؟ واذا حصل تغيير كبير في المقاعد بتحويل بعض  حصة  اطراف الى أطراف أخرى، فهل ستقبل الأولى بذلك ام سندخل في دوامة اعتراضات متقابلة ؟ وما يزيد قلق المواطنين ان عددا من هذه الأطراف يملك اذرعا مسلحة تزيد المخاوف من تدهور الأوضاع وانزلاقها الى مزيد من التعقيد .    

من جانب اخر اذا حصل هذا كله، من الجرّ والعرّ والتغييرات المتواصلة في عدد مقاعد الأطراف جميعا ، فهل ستبقى أية صدقية  للانتخابات؟ ألن تكبر هوة عدم ثقة المواطنين بها، وقناعة المقاطعين والعازفين بعدم جدوى المشاركة في انتخابات كهذه؟ 

وفي هذا السياق نشير الى ان البعض  اخذ يروج لفكرة مراجعة كلية للانتخابات، بمعنى الغائها واجراء انتخابات بديلة. فهل هذا ممكن؟ هل فعلا ستقبل الأطراف الفائزة بذلك؟ يبدو الوضع وكأنه يدور في حلقة مفرغة ! والتصعيد هو سيد الموقف حتى الان .

وفي ظل هذه الأوضاع الحرجة انطلقت أصوات عدة، خاصة بعد احداث الجمعة الماضية المؤسفة وما رافقها من تصعيد خطير وتداعيات، بضمنها استهداف منزل رئيس الوزراء بطائرة مسيرة، تحذر  من انزلاق الأوضاع الى ما هو اسوأ ومن ان يحصل ما  لا تحمد عقباه، ومطالبة  كل الاطراف بضبط النفس وباللجوء الى الاحتجاج السلمي القانوني وتجنب التصعيد، واعلاء مصلحة المواطنين واستقرار البلد .

في أوضاع مستعصية كهذه هل سيتم قبول النتائج كأمر واقع، ومباشرة ماراثون  التسويات والتوافقات السياسية؟ إن حصل هذا، وهو ممكن، فسنكون امام إعادة سيناريو الحكومات التوافقية المحاصصاتية، بمعنى تفعيل جديد لمنظومة المحاصصة التي رفضها شعبنا في حدثين بارزين:  في المرة الأولى عبر انتفاضة تشرين وما أعلنته من اهداف وتطلعات تجاوب معها غالبية العراقيين، وفي المرة الثانية عبر  المقاطعة والعزوف الواسعين عن المشاركة في الانتخابات ، وما حمله ذلك من دلالات ورسائل بليغة موجهة قبل كل شيء الى المتنفذين.

نخلص من هذا الى ان الانتخابات الاخيرة على الرغم من التغييرات المحدودة فيها، فانها لم تقدم حلولا ومخارج، والأخطر هو ما قد يحصل  من تمردات وتصدعات وإضعاف آخر لهيبة الدولة وقوة القانون، وهو ما لا ناقة للمواطن فيه ولا جمل.

عرض مقالات: