اخر الاخبار

منذ أن نبت للرماح (وهي أدوات الحروب العتيقة) أسنان ذرية فتاكة، وتسابقت الدول إلى وضع نصف ثرواتها في مصانع واقتناء السلاح بدل أن توظفها في إحياء الصحارى، وتأمين الخبز والدواء والرخاء، ومنذ أن استيقظنا على همّة زراعة الطرق بأغصان السيانيد القاتلة بدل أغصان الزيتون، وصارت ميزانيات وزارات الحرب ومشاريع سباق التسلح، وأعداد المجندين المجهزين بفنون الموت، بأرقام ذات أصفار لا تُعدّ..

أقول، منذ هذا الحين صرنا نغلق شاشات التلفزيون على آخر نشرات استعراض القوة، وأخبار دكّ المشافي وعمارات السكن، ونبلع ريقنا على غبار، وطعم الدم، ونأخذ كل ذلك إلى كوابيس مفزعة في منامنا، أبطالها بشرٌ منّا، لكنهم تحولوا إلى سعالي ومخلوقات تنطّ من أقنية الصرف الصحي، حيث هجرتْنا الأحلام الوردية التي كنا نلتقي فيها مع الأحبة والغائبين عنا، ويعزف فيها العاشق على غيتاره ليلاً عند شباك منام الحبيبة.. ثم نستيقظ على زعيق، يشبه تماما هواجسنا طوال ساعات النوم المُقلقة، والمقطّعة الاوصال، وقد نسينا مقطوعات بتهوفن وصوت فيروز ومعزوفات زامفير.. فلا الصباح صباح يستقبلنا، ولا الوجوه التي تطالعنا وجوها تعرفنا..

شكرا ايتها الحرب: لقد قمتِ بواجبك على اتم وجه.

*قالوا:

"رُوي عن أحد الانبياء قوله:

لا يغزوَنّ معي من بنى بِناء لم يكمله.

ولا رجلٌ زرعَ زرعا لم يحصده".

مستطرف هادي العلوي.