اخر الاخبار

ينهض الإبداع العراقي من بين الركام، يسير بخطىٍ حثيثة رغم رثاثة ثقافة الفساد والاستهلاك والاستعراض المخل. وقد أضاءت سماء بغداد هذه الأيام قناديل عدة، لكن ما غمر صدورنا بالفخر هو تميّز مبدعنا الموسيقي "يوسف عباس"، الذي حقق إنجازاً غير مسبوق وهو يضع ما أوُكِل إليه تأليفه من موسيقى تصويرية كاملة لمسلسل ((Debriefing the President   الأمريكي الضخم، المستوحى من مذكرات الضابط جون نيكسون، وتحت إشراف المنتج العالمي ليزلي غريف، الذي قال: "سمعت موسيقاه وقد لمستني بشكلٍ مختلف تماماً، اخترتُه بنفسي من بين المؤلفين في هوليوود ومصر. هذا عملٌ سيكون موقعاً بتوقيع يوسف عباس بالكامل.)

ولا يقف إنجاز يوسف عباس عند حدود الفن، بل يمتد إلى تأكيد حضور العراق في معتركٍ عالمي لا يُغازل المرموق إلا بحجم الإبداع وحجم الإخلاص للتاريخ والثقافة الإنسانية. ففي زمنٍ تغرق فيه الساحة الثقافية بالضوضاء والتقليدية الباهتة، بزغ اسم عباس ليظهر للعالم أنَّ الإبداع العراقي ينبع من عمق أصالته، ولا يحتاج إلى زخرفة زائفة ليُسمع صوته.

من جانبٍ آخر وفي مساء 27 الشهر الماضي، احتضنت بغداد مهرجان "أوتنابشتم الدولي للإبداع" في دورته الثالثة، وكانت ليلة استثنائية عبرت فيها منصّات المهرجان بوصلاتٍ من نور تتلمس وجه العراق المشرق بالإبداع. وفي هذه الدورة حصد المبدعون جائزة "أوتنابشتم" في حقول مختلفة:

  • أحمد عبد الحسين: تُعدّ جائزة أوتنابشتم في فئة الأدب وردة جمالٍ أُضيفت إلى رصيده الشعري وغزارة تجربته الإبداعية، مُضفيةً عليه إشعاعاً جديداً.
  • محمد حسين عبد الرحيم: جعل من وقفته أمام الكاميرا مرآةً لصوتٍ يتساءل عن الحقيقة والوجع، محافظاً على حسّ المقاومة وسط ثقافة الإيهام.
  • فارس طعمة التميمي: قدّم رؤيته الإبداعية كصيحةٍ من رحم المعاناة، ينقل وجع الواقع إلى فنٍ متميز لا يهادن الزيف والانحطاط.
  • لقاء السامرائي: وضعت بصمتها الأكاديمية في صلب ساحات النقد والإبداع، مصمِّمةً أركان الوعي على أسسٍ معرفية رصينة تُنبذ تكريس الجهل والانحلال.
  • نجلاء عماد: رفعت اسم بلادها عالياً في ميادين الرياضة البارالمبية، شاهدةً على أن الإرادة العراقية لا تُقهر مهما أوغل الخراب.
  • حيدر زكي: الإعلامي الرياضي الذي نسج شغفه في الرياضة متراساً لتوثيق إنجازات الشباب العراقي، رافعاً راية الإنجاز وسط ضجيج الاستعراض الزائف.

إلى هؤلاء جميعاً، وإلى كلِّ مَن يقاسمنا عناق الكتابة والألوان والإيقاعات، نُهدي التحية، فقد صقلتم بجهدكم وموهبتكم صورة العراق وأعدتموه إلى بريقه النقي.

ولا نرجو من هذه التحية سوى أن تصلكم رسالة واحدة:

إنّ العراق لا يُطفِئه الظلام، طالما فيه من يحمل القلم والآلة والفكرة، وحتى لو تفشّى الخراب من حولنا فإن بريق الإبداع سيظلُّ ضوءَنا الساطع.

فلتستمرّوا يا مبدعينا في الاحتفال بالحياة، ولتظل منجزاتكم شاهداً على أن الإبداع العراقي قادر دائماً على إعادة وجه الوطن نقياً، رغم كلّ الإصرار على نشر التفاهة وإشاعة التخلف والابتذال.

عرض مقالات: