اخر الاخبار

تعلّمنا وعرفنا الرياضة ونشاطاتها وفعالياتها من المدرسة، وكان لمعلّمي ومدرّسي التربية الرياضية دورهم الأساسي في توجيهنا نحو الرياضة ومختلف الألعاب. وعلى هذا الأساس تأسس معظم أبطال ونجوم الرياضة العراقية وقادتها.

ولهذا نقول بثقة: إن الرياضة العراقية بدأت أولًا من المدرسة، وكان نجومها الأوائل أبطالًا في الرياضة المدرسية قبل أن ينتقلوا لقيادة الرياضة في صفوف القوات المسلحة (الجيش والشرطة)، ثم احتضنتهم الأندية الرياضية والمؤسسات، فاستمرّ عطاؤهم فيها.

لقد شهدنا هذا المسار منذ مطلع القرن العشرين وحتى اليوم. وعرفنا قادة الرياضة المدرسية، وهم أنفسهم من تولوا قيادة الرياضة الأولمبية التي تأسست منذ ثلاثينيات القرن الماضي، بقيادة التربوي الكبير أكرم فهمي، الذي اكتسب علومه الرياضية من السويد، وظلّ وفيًا لقيمها ومبادئها الأولمبية السامية.

لقد قدّم الرعيل الأول من مدرّسي ومعلمي التربية الرياضية جهودًا مخلصة، نقلوا من خلالها لنا المعارف والقيم الأخلاقية النبيلة، وكان شعارنا ولا يزال:

"الرياضة حب، وطاعة، واحترام."

وبفضل أساتذتنا الأكفاء والتربويين الأوفياء، بقيت الرياضة المدرسية مصدرًا للقيم والقدوة والانضباط.

ولا أريد ذكر أسماء محددة من هؤلاء الرواد كي لا أغفل عن آخرين، لكنهم جميعًا كانوا نجومًا لامعة في ميادين التربية والرياضة، وشكرًا لهم على عطائهم الخالد.

أما اليوم، فأكتب عن أهمية ودور الرياضة المدرسية في ظلّ الإهمال الواضح لها، وغياب ساحاتها، واندثار نشاطاتها، وتراجع تأثيرها المجتمعي والحياتي. وهذا في وقتٍ بدأ فيه المجتمع يُولي الرياضة الشعبية اهتمامًا متزايدًا، كما بدأ النظام السياسي نفسه يُدرج الرياضة ضمن اهتماماته؛ فقد نصّ الدستور العراقي في المادة (36) على أن" ممارسة الرياضة حق لكل فرد، وعلى الدولة تشجيع أنشطتها، ورعايتها، وتوفير مستلزماتها."

كما صدرت عدّة قرارات داعمة للرياضيين، من أبرزها القانون رقم (6) لسنة 2013، الذي منح الأبطال والروّاد امتيازات تشجيعية. وهكذا أصبحت للرياضة حقوق وقوانين تنظّمها، لكنها ـ وللأسف ـ غابت عن الرياضة المدرسية.

وانطلاقًا من ذلك، أُطالب بإعطاء الرياضة المدرسية حجمها الحقيقي والمناسب، ودورها المؤثّر الذي ينسجم مع تاريخها الكبير وعطائها الواسع، خصوصًا أن للرياضة أثرًا بالغًا بين فئات الشبيبة (بنين وبنات)، إلى جانب أهميتها في الصحة العامة والمجتمع ككل.

وعلينا كإعلاميين ومهتمين أن نُسهم في الدعوة لتفعيل الرياضة في المدارس من خلال:

  • الاهتمام بالساحات المدرسية.
  • تطوير أداء المعلّمين والمدرّسين في مجال التربية الرياضية.
  • تهيئة أجواء المنافسة والتحفيز والرغبة في ممارسة الأنشطة والمسابقات.

فمثل هذه الأنشطة تُسهم في بناء علاقات إنسانية قائمة على المحبة والاحترام، وتُنمّي الشعور بالمسؤولية لدى الطلبة، الذين يُمثّلون جيل المستقبل.

ومن المناسب أيضًا أن تساهم اللجنة الأولمبية الوطنية العراقية بدور فاعل في دعم الرياضة المدرسية، من خلال:

  • تنظيم فعاليات رياضية أولمبية مدرسية.
  • إطلاق بطولات منتظمة.
  • تخصيص حوافز مالية للمدارس، خاصة مدارس البنات، لتكون دافعًا حقيقيًا لاستمرار النشاط طوال العام الدراسي.

كما ينبغي توجيه الاتحادات الرياضية لتفعيل مسابقاتها في المدارس، واكتشاف المواهب الرياضية فيها، لأن الرياضة المبكرة، وخاصة في الأعمار الصغيرة، هي المفتاح لاكتشاف القابليات والمواهب الرياضية الحقيقية.

وهنا نؤكد على أهمية التعاون والتنسيق بين قادة الرياضة المدرسية، والاتحادات الرياضية، واللجنة الأولمبية الوطنية العراقية، للبحث الجاد عن الطاقات الكامنة، واكتشاف القدرات الرياضية المتقدمة لدى طلبتنا.