اخر الاخبار

أقدمت الحكومة العراقية الحالية على تصميم جديدة للموازنات السنوية لمدة ثلاث سنوات شملت سنوات 2023 و2024 3025 بدافع التخلص مظاهر التأخير في عرض الموازنات السنوية السابقة التي كان يؤدي تأخيرها إلى تعطيل تنفيذ الخطط التنموية والمشاريع الاستثمارية السنوية التي كان الهدف منها وفقا للبرامج الحكومية إعادة بناء البنية التحتية وتحقيق تعافي للنمو الاقتصادي الذي لطالما عانى من الركود والخلل الهيكلي مع ما يصاحب ذلك من ارتفاع معدلات البطالة وتفاقم الازمة الاجتماعية.

والمؤكد حسب معظم التوقعات أن تأخير بنود موازنة 2025 وضرورة التصويت عليها سينتج عقبات جديدة ومن بينها استمرار الجدل غير المنتج حول آلية الانفاق وأولويات الصرف وانعكاساتها على المشاريع الاستثمارية ورواتب الموظفين والمتقاعدين والرعاية الاجتماعية واستحقاقات القطاع الخاص الأمر الذي يترتب على ذلك نشوء حالة من الركود الاقتصادي وارتباك في السوق العراقية.

إن الارتباك الحاصل في تأخير الجداول المالية لموازنة 2025 أكد بصورة يقينية أن توقعات الحكومة العراقية في تحديد سعر برميل النفط بحدود 70 دولارا يدلل على خطأ في حساب المتغيرات الاقتصادية الجيو سياسية على نطاق العالم عامة والشرق الأوسط خاصة، باعتبار أن العراق جزء من هذه الخارطة الجغرافية مع استمراره في الاعتماد على الريع النفطي بوصفه المصدر الأساسي في تمويل الموازنات السنوية وإعادة موارده إلى الخارج مرة أخرى لتمويل سلسلة استيراد من ذات الدول التي صدر لها البترول لإشباع حاجة السوق من البضائع المعدة للاستهلاك. إن اجدادنا أغنوا معارفنا بالمثل القائل إن حساب الحقل غير حساب البيدر، فان تخمين سعر برميل البترول ب 70 دولارا قد اندحر أمام اتجاه الأسعار العالمية إلى الهبوط بسبب التعرفة الكمركية التي أسس لها الرئيس الامريكي ترامب والتي انعكست على نطاق الاقتصاد العالمي، وعندنا في العراق أدى إلى التأخير في ارسال جداول الموازنة إلى مجلس النواب. ويعزو اقتصاديون سببا آخر إلى التعديلات التشريعية التي أجراها البرلمان العراقي على قانون الموازنة الاتحادية رقم 13 لسنة 2023وما شملته التشريعات المتعلقة بمنافذ تصدير نفط الإقليم. واذا كان تأخير الجداول المالية الجديدة سببه إعادة تكييف الإيرادات والنفقات تبعا لمؤشرات أسعار البترول بعد الانخفاض تبعا السياسات الكمركية الامريكية فإن مثل هذه الخطوة غير ممكنة بسبب دخول البرلمان في فصله التشريعي الذي ربما سيكون الأخير حسب توقعات السياسيين، ولهذا فليس من المتوقع تنفيذ موازنة 2025 وفقا لكل هذه المعطيات التي لم تأخذها الحكومة بالحسبان وهي تخطط لبرنامج اقتصادي استراتيجي سواء في مجال جذب الاستثمارات مع الشركات الكبيرة البريطانية والأمريكية التي تعاقدت معها الحكومة العراقية في الفترة الأخيرة، وبهذا وقعت الحكومة بين مطرقة انخفاض الأسعار وهول الإنفاق التشغيلي مما ستواجه بدون شك الارتفاع في عجز الموازنة ولجوئها إلى الآليات التي سبق أن اعتمدتها بالصرف حسب قانون الإدارة المالية والدين العام رقم 6 لعام 2019 المعدل بالنسبة للرواتب وعلى المشاريع التي وصلت نسبة إنجازها اكثر من 70 في المائة.

وفوق ما تقدم فان تأخير الجداول المالية لم يقف عند الحدود التي أشرنا لها فهي في ظل هيكلة بنود الموازنة، فسيؤدي إلى ازمة اقتصادية وتعطيل المشاريع الاستراتيجية كمشروع طريق التنمية الذي بنيت عليه آمال عريضة في إعطاء دفعة قوية لمعدلات التنمية الاقتصادية، وتوقف مشاريع البنية التحتية والتطوير العمراني والطاقة وبالتالي تقليص في فرص العمل مما يزيد من معدلات البطالة وزعزعت فئة المستثمرين المحليين والأجانب باستثناء أولئك الذين أثروا على حساب المال العام وأنتجوا خللا في نظام التوزيع.

  مما تقدم يتضح أن الحكومة تدرك الأزمة المحدقة لذلك فهي مطالبة بالاستفادة من دروس الماضي القريب والتحوط لمآلاته من خلال العمل على إيجاد آليات تحوطية للموازنات التي تتعرض إلى ظروف غير محسوبة، من خلال بناء تخميناتها التخطيطية وفقا لمعطيات حقيقية والاستفادة من الفوائض النفطية في الضغط على النفقات المبالغ فيها وإيجاد صناديق سيادية داعمة لمواجه الحالات الطارئة.

عرض مقالات: