تفرح من كل قلبك وأنت تتابع لوحات عالمية رُسمت على الجدران بمساحات واسعة ، بينما نصبت التماثيل هنا وهناك لبوريتريهات شخوص معروفة وأخرى متخيلة ، وتثير انتباهك رسوم بالأبيض والأسود لوجوه فنية محلية وعالمية مثل جواد سليم وفائق حسن وشارلي شابلن وغيرها ، بينما تتناهى لأسماعك أنغاما شجية لمعزوفات تراثية شعبية ، وأخرى عربية ، وبعض مقطوعات من سيمفونيات عالمية ، ثم يدعوك شباب رائعون لمتابعة أحداث مسرحيتهم وقد كتبت وأخرجت من قبل مدرسيهم ، ومن حيث لا تدري يحضر لك شاب يافع آخر رقعة ورق خط عليها أسمك بالخط الديواني كبطاقة ترحيب من قسم الخط والزخرفة. كل هذا حدث في يوم رائع من تفصيلات مهرجان معهد الفنون الجميلة للبنين في منطقة الكرخ الثانية – السيدية في بغداد.
في البدء لم اصدق الشروح المقدمة إلي من قبل معاون مدير المعهد الفنان حسنين غالب الذي كان قد واصل الليل بالنهار بمساعدة باقي المدرسين والطلبة في التحضير لهذا المهرجان وحتى في يوم الافتتاح تواجد الجميع عند الساعة السادسة صباحا لمواصلة الإعداد بهمة ونشاط عال يحدوهم أمل تحقيق الذات والبرهنة على نضج مواهبهم اليافعة وإن بدأوؤها من الصفر، فطلبة المعهد ينضمون إليه بعد الثالث المتوسط ، وكثير منهم لم يتعرف أصلا على أقسامه ومحتوياته ولم يكتشف مواهبه ولو كانت بدائية بعد.
لكن سعي المدرسين وحرصهم على أداء واجباتهم بكل ثقة وكمن يزرع نبتات في اصص صغيرة سرعان ما نمت وأزهرت بالرعاية والتوجيه والاهتمام. وفعلا ما رأيته في احتفالهم السنوي الذي عقد قبل أسابيع قد أصابني بالعجب من دون مبالغة ، بل أن من الجميل أن المعهد ضم بعض الشباب اليافعين من ذوي الاحتياجات الخاصة وسعى لتدريبهم والعمل على اكتشاف مواهبهم كمن يبحث في ارض جرداء سرعان ما أينعت ورودا ولوحات فنية تنبض بالحياة والبهجة.
تأسس هذا المعهد بحسب تصريح مديره الأستاذ عمار عبد الحميد الخفاجي قبل خمس سنوات بأقسام الفنون التشكيلية ،والخط والزخرفة ، والفنون الموسيقية ، ثم أضيف له قسم السمعية والمرئية .. والدراسة في المرحلتين الأولى والثانية عامة تشمل كل ما يتعلق بالفنون الجميلة من مواد نظرية وعملية ، أما في المرحلة الثالثة فيتوجه الطالب نحو التخصص مزودا بمواد متنوعة أخرى تبلور مواهبه وتضعه على درب المهنية سواء في النحت أو التمثيل أو الإخراج أو الرسم أو الخط والزخرفة..
وبعد خمس سنوات يمنح الطالب شهادة الدبلوم التي تؤهله للعمل في المجالات الفنية المختلفة سواء في القطاع العام كمعلم للتربية الفنية أم في القطاع الخاص كالعمل في المكاتب الفنية أو شركات التصميم أو الإشراف على تنفيذ أعمال التصاميم المختلفة للأثاث وغيرها ، أو العمل في القنوات التلفزيونية ..
فأبواب المستقبل مشرعة أمام هؤلاء الطلبة المتميزون بعدما منحتهم الهيئة التدريسية للمعهد مفاتيح للأمل وللتفوق.