اولاً، وقبل شيء، ليست الفتنة الطائفية (الآن) وفدت، لأول مرة، مع حكم ما بعد 2003 كما يردد السُذّج، فهي عتيقة، كانت، حسب أوثق المؤرخين، ابن الأثير، في كتابه "الكامل" قد ضربت العراق في أواخر عهد الدولة العباسية طوال مائتي عام، احرقت خلالها دور الكتب والعبادة وأحياء بكاملها، وقد واكبها (انتباه) القتل على الهوية، أيضا.. فيما شهدت بعض عقود عثمانية العراق (بحسب علي الوردي) اندلاع صراعات طائفية ضارية، في بغداد وواسط، كان السلاطين، ومن ثم المحتلين الانجليز، والإيرانيون يستثمرون في ساحتها.
ثانيا، اتخذت جميع محاولات احتواء الضغائن والفتن الطائفية طابع "ولائم" تقيمها الحكومات، منذ العهد الملكي، لرجال الدين الشيعة والسنة، وتنتهي بدس الفتنة، حية ، طي بوس اللحى الكاذب، وثالثا، ليس صحيحا القول إن عهد صدام لم يكن طائفيا، فقد جرت طوال ثلاثة عقود "نمذجة" الطائفية في الرطانات القومية، من جهة، وحشر الملايين من السكان الشيعة في منكَنة الرعب، والتعامل معها كقطيع، سعيد في إذلاله، ورابعا، تُشكل ممارسات الطائفية في عهد ما بعد 2003 نقلة مرعبة إلى حافة الحرب الاهلية، وذلك بجعل الطائفية مؤسسة سياسية رسمية، في التسليح، والتنظيم الاجتماعي، والحقوقي، والعبادات: الألغام الآيلة للانفجار يوما.. سِتركْ يا رب.
*قالوا:
"بعض الحروب هي قتل أناس عن عمد، لو قابلتهم في ظروف أخرى لقدمت لهم العون".
مارك توين