اخر الاخبار

صرخات أطلقها مجموعة من التربويون على هامش ندوة "كاليري مجيد " التي عقدت قبل مدة لمناقشة كتاب التربوية العراقية الشابة عشتار سومر، الذي حمل عنوان " خلف جدران المدارس" ، وقدم لها الأستاذ فوزي عبد الرحيم .

تسرد الكاتبة على 550 صفحة تفاصيل حياتها أثناء ممارستها مهنة التعليم خلال 25 عاما. ولعل الوازع الأهم الذي دفعها لتأليف الكتاب، ما اعتبرته رسالة اعتذار عن ذنب كانت قد اقترفته في بداية حياتها المهنية، عندما غضبت على طالبة لم تكن محضّرة واجبها المدرسي فضربتها، ما أدى إلى ترك الطالبة المدرسة، ومن ثم تزويجها بقرار من أهلها، يوم لم يتجاوز عمرها الرابعة عشرة.

تقول عشتار سومر: كلما مر الزمن أشعر اكثر بمسؤوليتي عن تدمير حياة تلك الطالبة ، ولم اعتذر لها حينها ، ويجب أن نعترف بأننا جيل فاشل لا يعرف ثقافة الاعتذار. ومن ناحية أخرى أنا أم ومعلمة وأشعر أن التعليم في خطر، بل ان مستقبل أولادنا في خطر. فالطالب يدرس مدة 18 سنة وتُعبأ ذاكرته بمعلومات يحفظها عن ظهر قلب ولا يفهمها، ويفتقد الطالب في الوقت نفسه دروسا تنمي مهاراته ومواهبه. فدروسه تلقينية بحتة، وإذا لم يحفظها نصفه بـ "الفاشل".

ترتكز العملية التربوية بحسب سومر على ثلاثة أسس : المعلم والمنهج والتلميذ، فالمعلم يحضر للصف اليوم بمبادئ وقيم مشوهة، حيث لا يؤمن مثلا بالتسامح والاختلاف مع الآخر، وهو مُعبأ ضد الطائفة الأخرى أو الحزب الآخر.

أما المنهج فما زال يحفل بمعلومات أكل الدهر عليها وشرب ، وهو في واد والواقع بواد آخر، بعيد عن العلوم الحديثة وثورة التقنيات والذكاء الاصطناعي، عدا التناقض الذي يعيشه الطالب في ما يقرأه في الدرس عن أهمية تدوير النفايات مثلا، بينما تحيط مدرسته أكوام النفايات والمياه الآسنة.

ويعيش التلميذ حالة ضياع وتناقض حين لا يمكنه انتقاد الأخطاء، التي لا حلول لها غالبا، مثلما يعجز عن الدفاع عن آرائه التي لا تُسمع على الاكثر.

وهكذا فالتعليم يجري في بيئة غير مناسبة، مقارنة بالماضي حين كان يتمتع بمهنية ذات معايير عالية. وكانت للمعلم منزلة مميزة لدى المجتمع والأهل على نحو خاص، بينما يواجه حاليا موقفا عشائريا إذ ما اختلف مع التلميذ، عدا عن انه كان يتمتع بمركز اجتماعي مرموق، بفعل التجانس بين حالته المعيشية ومركزه الوظيفي.

وقد أثارت هذه الآراء عاصفة من آراء الحضور، وكثير منهم من الهيئات التدريسية وقسم جاء من محافظات أخرى، فقدموا تفاصيل حالات مؤلمة يعيشها الواقع التعليمي في العراق ، خصوصا مع انتشار الفساد والمدارس الأهلية التي تسعى لإفشال المدارس الحكومية .