اخر الاخبار

على هامش الندوة التي عقدتها لجنة العلاقات الدولية للحزب الشيوعي العراقي قبل اشهر في فندق المنصور ميليا ببغداد، وتحدث فيها السفير الصيني، أهداني أستاذ الفلسفة الزميل الصحفي طه جزاع كتابه "الصين .. مخالب التنين الناعمة" الذي نفدت طبعته الأولى من الأسواق وفي النية اصدار طبعة ثانية.

وأنا في الحقيقة لم أقرأه فورا، لاعتقادي أنه يركز على القضايا السياسية أو الاقتصادية المتخصصة، لكنني اكتشفت قبل أيام كنزا معرفيا هائلا في هذا الكتاب، الذي يضم إلى جانب المعلومات السياسية والاقتصادية أفكارا فلسفية عميقة، ومعلومات تاريخية وأدبية وفنية وحتى موسيقية. ولا يزيد حجم الكتاب عن 255 صفحة وهو من منشورات دار دجلة الأكاديمية البغدادية.

وهو يركز بدءاَ على أهمية الصين سياسيا واقتصاديا، فبحسب المعلومات المتوفرة ستكون البلد الأول عالميا في العام 2030 ، الأمر الذي يثير مشكلات وإشكاليات في النظام الدولي القائم، وخصوصا مع الولايات المتحدة ، وقد يفتح صراعا على مستوى العالم ككل..

اشتغل الدكتور جزاع على الكتاب أيام جائحة كورونا مطلع 2020، حين تزايدت حدة التوتر بين الصين والولايات المتحدة، كل يرمي سبب تفشي المرض على كاهل الآخر، بين مدينة يوهان الصينية ومختبرات البحوث الأمريكي. وخلال عزلة الكاتب مثل بقية أفراد الكون كله، لجأ الى استذكار الكتب الخالدة التي تناولت حقبا زمنية مهمة ومفصلية حاسمة في تاريخ البشرية، مثل رواية " الساعة الخامسة والعشرون" لقسطنطين جيورجيو التي صدرت في العام1949 وتضمنت رؤى مستقبلية متشائمة للعالم المادي، وتفوق الآلة على الإنسان حتى يتحول إلى عبد لها، وازدياد قسوة الإنسان وظلمه لأخيه في الإنسانية، وخلوصه إلى ما سيحل بالحضارة الأوربية من فناء ودمار، بعد تخليها عن احترام أقانيم الرموز الثلاثة: الإنسان والجمال والحق.

وعلى مستوى راقٍ يورد الكتاب معلومات غريبة عن طريقة تفكير الجنس الأصفر، أصحاب التنين الأحمر الذين يشكلون ربع البشرية، سواء في الصين بتعدادها السكاني المليار وخمسمائة مليون نسمة، أو في اكثرياتهم أو أقلياتهم الموزعة في دول آسيوية وأفريقية وأوروبية وحتى في أمريكا، إذ يبلغ تعدادها أربعة ملايين نسمة، جميعهم تجنسوا بجنسيات تلك الدول مع احتفاظهم بطباعهم وتقاليدهم. ويوضح الكتاب بعضا من سمات الصيني الهادئ الصبور جداً، قاصاً حكاية طريفة عن دعوة الصحفي المعروف محمد حسنين هيكل للعشاء من قبل " وولين شي"، المسؤول عن تحرير صحيفة الشعب كبرى الصحف الصينية، مشيراً الى سبب من أسباب المعجزة الصينية كما اسماها، والمتمثل في أن لاشيء في الصين " فاقداً أو عادماً أو ضائعاً"،  حيث كتب: دعاني " وولن شي" إلى عشاء ذات ليلة في مطعم " بطة بكين" الشهير. كان العشاء سبعة أطباق من بطة واحدة! خمس قطع مختارة باردة من البطة في أول طبق، كبد البطة مقلياً في طبق ثان، إضلاع البطة بالصلصة في طبق ثالث، قلب البطة في قطع صغيرة محمرة في طبق رابع، لسان البطة وأمعاؤها والبنكرياس مطبوخة مع الخضر في طبق خامس ، جسم البطة ، وهو الطبق الرئيسي ، مشوياً في طبق سادس، عظام البطة مسلوقة في طبق حساء النهاية وهو الطبق السابع. وحين قال هيكل لمضيفه " لم يتبق من البطة غير ريشها وأرجو أن لا نأكله؟ أجابه بجد: " لا، المطعم يبيع ريش البط لإغراض صناعية!"

عرض مقالات: