اخر الاخبار

تتزايد القناعة لدى اطراف وشخصيات سياسية ومهتمة بالشأن العام عندنا، بان استمرار الحال من المحال، وان منهج الحكم المتبع منذ عام ٢٠٠٣، والذي دفع باوضاع البلاد الى التأزم، ما انفك يولد المزيد من الازمات التي باتت تضيّق الخناق على المواطنين، وتزيد من معاناتهم متعددة الأسماء والعناوين.

ولعل هذه القناعة تتسرب الان او هي في طريقها الى أوساط تُعد من المتنفذة. وهي أوساط تحاذر في اعلان موقف او اتخاذ اجراء عملي محدد، لكنها آخذة بادراك الأمر، وتبدو مركزةً عينها على كيفية التكيّف، دون التغيير، حتى لا تفقد مصالحها ونفوذها وهيمنتها وسطوتها وامتيازاتها.

وبعكس هذه المواقف المترددة والخائفة، هناك غالبية على كبير قناعة من ان التغيير اصبح مطلبا وطنيا ملحا، وان أي مسعى بأي شكل الى تأجيل ذلك او عرقلته، معناه إلحاق المزيد من الضرر بالمواطنين، وادامة التخلف، وتعظيم تداعيات الازمة البنيوية العامة التي يمر بها البلد .

ضمن هذا الفهم والحاجة الى مواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه وطننا وشعبنا، والناجمة عن عوامل داخلية متراكمة، وظروف إقليمية ودولية ضاغطة، نرى وجوب النظر الى موضوعة الانتخابات البرلمانية في تشرين الثاني المقبل، حسب الموعد الدستوري. 

بمعنى وجوب النظر الى الانتخابات في علاقتها بالتغيير، الذي غدا استحقاقا وطنيا، وليس ترفا فكريا. وان تكون العملية الانتخابية المقبلة احدى روافع هذا التغيير، الذي تتضافر عوامل داخلية وخارجية لدفعه الى واجهة المهام وأرأسها بالنسبة  لكل الديمقراطيين والوطنيين الحريصين على حاضر ومستقبل البلد.

وتزداد أهمية هذه الانتخابات عندما نقرأ ونسمع ونرى مواقف بعض الجهات، التي تبشرنا منذ الان بان نسبة المشاركة فيها لن تزيد في احسن الأحوال على ٣٠ في المائة، فيما جعل احدهم  "القدرة المالية" عنوانا للمنافسة فيها، قاصدا عملية البيع والشراء فيها .

ان علينا قراءة هذا جيدا، وبغض النظر عن مقاصد من اطلقها، فان العنوان هو المنافسة المحكومة بالقدرة المالية، وليس بالبرامج التي تقدمها الجهات المتنافسة في الانتخابات، بهدف تقديم الأفضل والاحسن للمواطن والوطن وإنقاذ البلاد مما هي فيه!

من يا تُرى يستطيع تغيير هذا الحال، وفرض التراجع على أصحاب هذه المواقف، ووضع حد لادعائهم تمثيل هذا المكون او ذاك، وإسقاط  شعار"ما ننطيها"، وتخليص البلاد وأهلها من تداعيات منهجهم الفاشل والمولّد للازمات ، منهج المحاصصة والتخادم المكوناتي؟

انهم المواطنون من دون شك، المواطنون المكتوون بنار الازمات، وهم أيضا القوى والأحزاب والشخصيات الوطنية والديمقراطية، وكل المتطلعين الى عراق مختلف يستحقه العراقيون على اختلاف طوائفهم وألوانهم. وهؤلاء جميعا عليهم الشروع بحوار وطني بناء، يفضي الى اصطفاف سياسي وشعبي واسع، يفرض نفسه عبر المشاركة الواسعة في الانتخابات، وفي مختلف النشاطات والفعاليات والحراكات المطلبية والجماهيرية، كبديل سياسي لمنظومة المحاصصة، محفزة الفساد وحاميته.

عرض مقالات: