لقد كتبت كثيرًا عن واقع الأندية الرياضية، لكن لم أجد من يقرأ أو من يكتب، فالكل مشغول بحياته وهمومها. كانت الأندية الرياضية في الخمسينيات والستينيات مجالًا رحبًا وواسعًا للنشاطات الرياضية والثقافية والاجتماعية. فمثلاً، كان نادي الشباب الرياضي الذي يقع في منطقة (أبو سيفين)، وهي منطقة شعبية تخص بالعمال والكادحين، يمارس نشاطات وفعاليات تخص حاجات منطقتهم. وكان بعض القوى السياسية يمارس دوره في توعية الجماهير ونشر المعرفة والثقافة. كذلك، كان نادي الفتيان في ذي قار يقيم نشاطات لتوعية الطلبة، وكذلك الحال مع نادي الأعظمية الرياضي وغيرها من الأندية التي كانت تؤدي أدوارًا توعوية وثقافية وسياسية.
لكن منذ سطوة صدام وعصابته، بدأت الأندية الرياضية تفقد نهجها الأخلاقي والقيمي، وتحولت إلى ممارسة الرياضة فقط، وعسكرة المجتمع والدعوة للحروب والعدوانية. وغادرت الأندية منهجها الرياضي والثقافي والاجتماعي.
ما أثار هذا الموضوع في نفسي هو مقال للدكتور علي الهاشمي، رئيس تحرير جريدة "الرياضي"، حول دور نادي الصيد في إقامة بعض الفعاليات الرياضية وأثرها النفسي في المجتمع. وكنا في جريدة "طريق الشعب" قد كتبنا الكثير من المقالات حول واقع الأندية وأهمية تفعيل دورها المجتمعي.
لذا، أطلب من جميع الزملاء العاملين في الصحافة والإعلام أن يناشدوا قادة الأندية الرياضية العاملة في الساحة بأن لا يقتصر عملهم على النشاطات الرياضية فقط، لأن ذلك عمل قاصر وغير منتج، ويشكل خسارة للمجتمع.
إن الكثير من أندية المنطقة والعالم تمارس نشاطات متعددة بجانب العمل الرياضي، وهذا ما شاهدته في الأندية المصرية وغيرها من أندية المنطقة التي دخلت إلى ميدان الاستثمار عن طريق تمويل نفسها بنفسها، دون الحاجة إلى تمويل من الحكومة.
فهل يا ترى نجد في ساحتنا العراقية أندية تضم في عضويتها عشرات الآلاف من الأعضاء وتمارس فيها مختلف الأنشطة الاجتماعية والثقافية؟ إن واقع الأندية الرياضية يتطلب المساهمة في تنشيط وتفعيل واقعها، ونجاح تأثيرها وأثرها في المجتمع. فالرياضة تنتعش بالجماهير، وعلى رؤساء الأندية والاتحادات الرياضية استقطاب الجماهير، وتفعيل النشاطات والفعاليات الاجتماعية والثقافية، وتنمية الهوايات عن طريق تلك المؤسسات الرياضية.