اخر الاخبار

يعّد شعبنا من أكثر الشعوب شباباً حيث تبلغ نسبة من هم أصغر من 30 سنة، 68 في المائة من أبنائه، ومن هم بين الثلاثين والخمسين سنة 21.7 في المائة، فيما يقترب معدل النمو السكاني من 2.5 في المائة سنوياً. ورغم ما لهذه الهبة الديموغرافية من فوائد عظيمة، فإنها تعاني للأسف من إهمال شديد، حيث تقدر معدلات البطالة بين الشباب 35.8 في المائة وبين الشابات حوالي 60 في المائة، ويقبع 17 في المائة ممن هم دون الرابعة عشرة و28 في المائة ممن هم دون الثلاثين، في ظلام الأمية، وتتجاوز نسبة المتسربين من المدارس حاجز 34 في المائة، وتفتقد نسبة تصل إلى 59 في المائة من الشباب، بمن فيهم حملة الشهادات، إلى المهارات التي تؤهلهم لدخول سوق عمل حقيقي، كما كشف عن ذلك تقرير لمنظمة اليونسيف.

ويعاني تعليمنا من تخلف جدي يتمثل في طابعه التلقيني غير العملي، الذي لا يولي إهتماماً بمواهب الشباب، ويخلق فجوة بين نوعية التعليم الذي يتلقوه وبين حاجات المجتمع الفعلية، لاسيما في عصر الرقمنة. وفي الوقت الذي تضيف فيه الجامعات والمعاهد العراقية كل عام ما يقارب 400 ألف شاب وشابة إلى جيش العاطلين، تفتقد الأغلبية الساحقة منهم لتأهيل يمكّنهم من البحث عن عمل حرّ في مجال يناسبهم ويلائم مواهبهم، وتتراجع بينهم بشدة أعداد خريجي الدراسة المهنية والتخصصية، التي صارت مقتصرة على الطلبة الفقراء مادياً.

وبسبب هذه الصعاب والمشاكل المعقدة، ومنها غياب تام لكل ما يفيد الشبيبة في استثمار أوقات الفراغ، كالمكتبات والمراكز الرياضية والمعسكرات والنوادي الاجتماعية وغيرها، انتشرت بين صفوف الشباب ظواهر غريبة عن قيمهم، كتعاطي المخدرات، والسرقة، واللجوء للعنف، والأسري منه بشكل خاص، والإنخراط في مجاميع إرهابية أو ذات أفكار سوداوية، والانتحار أو السعي للهجرة خارج البلاد التي باتت علاقة الشاب بها ملتبسة، يتجاذبها حب الوطن والتذمر الشديد من قسوة الحال.

وفي هذه الأجواء، تمثل برامج اليسار، وفي الصميم منه الحزب الشيوعي العراقي، خارطة طريق لإنقاذ الشباب من المآسي الكبيرة التي إبتلتهم بها منظومة المحاصصة والفساد، ودليل عمل لهم لبناء هوية جامعة تُنهي الإستقطابات الطائفية والعرقية وتكّرس القيم الوطنية والإنسانية، ولضمان دور فاعل لهم في صناعة القرار السياسي، وللحصول على تعليم حكومي كفء يوفر معرفة نظرية وعملية مواكبة للتطور، وفرص عمل ملائمة، ورعاية صحية جيدة ومجانية، وحصة عادلة من الدخل القومي، ولقيام حياة ديمقراطية، تُكفل فيها كل الحريات، بعيداً عن سطوة القمع والسلاح المنفلت والزبائنية وخطط تغييب الوعي وتهميش العقول.

ويدعو الحزب الشباب لقراءة برامجه بعين فاحصة وعقل متفتح، ليجدوا فيها حلولاً علمية وواقعية لمشاكل البطالة ونقص الخدمات والتمييز الطبقي وحاجة الشاب لمستلزمات التمتع بحياة حرة وكريمة. لقد بُنيت هذه البرامج على أساس إيمان الشيوعيين بقدرة الشباب المتميزة على العمل لأكتشاف الجديد وانجاز أية برامج تنموية، وعلى رؤية واضحة تجد في إعتداد الشباب بالنفس حصانة لهم ضد الرضوخ للضغوط وتفعيلاً لقدرتهم على نقد السائد الخاطيء والواقع المتخلف.

إن تجارب العراق المعاصر، تؤكد على أن الشيوعيين، وعموم اليساريين، هم الأحق في التعبير عن الطموحات المشروعة للشباب، والأصدق إيماناً بدورهم في تحقيق التغيير وإبتكار ما يخدم التقدم، والأكثر دفاعاً عن حقهم في رفض التدجين وتحجيم الطاقات الثورية. ولهم، وهم ينادون الشبيبة، وطيد الثقة، بإلتحاق المزيد منها بمسارهم الكفاحي، لما هو خير لها، وبالتالي لعراق جميل دائر في دمنا وساكن عتمة المقلتين!