أعلن مؤخرا عن قيام أمانة بغداد بأنشاء مشروع لتحويل النفايات إلى انتاج الطاقة الكهربائية كمشروع استثماري تتضافر فيه، جهود أمانة بغداد ووزارة الكهرباء وهيئة الاستثمار برعاية رئيس الحكومة لاستكمال مستلزمات المشروع القانونية والفنية ،وبذلك سيكون هذا التوجه مسعا مباركا على طريق حل أزمة الكهرباء التي استعصت على مدى أكثر من عشرين عاما وبذلك تكون المقترحات التي سبق أن طرحناها من قبل على صفحات هذه الجريدة، إلى واقع ليضاف العراق إلى قائمة الدول التي سبق ان تطرقنا إلى تجاربها في تحويل النفايات الضارة إلى منتج نافع.
ومع أننا لا نريد تحميل وزارة الكهرباء الأسباب الموضوعية التي أعاقت عملية النمو في مجال توليد الطاقة المتمثلة بالاحتلال والإرهاب وتداعياتهما على القاعدة التحتية ومشكلات الوقود مع وزارة النفط مع الغاز الإيراني لكننا لا ننسى ممارسات الفساد والهدر المالي في العديد من العقود وفي مختلف مستويات الوزارة، وأبرزها العقود المبرمة مع شركات جنرال إلكتريك وسيمنس في عام 2008 التي تحولت إلى نكتة. لقد حان الوقت لمراجعة كافة المناهج والسياسات التي وضعتها وزارة الكهرباء التي ثبت فشلها والابتعاد عن عبث التصريحات بشأن خصخصة 70 المائة في السنوات القليلة القادمة عبر تجربة لم يثبت نجاحها وألقاء تبعاتها على كاهل المواطن العراقي.
ومن المناسب في هذا المجال الإشارة إلى التجارب العالمية في هذا الميدان، فمحطة مياشيما اليابانية تحرق 330 ألف طن من القمامة الصلبة لتنتج 32 ألف كيلو واط من الكهرباء سنويا. وفي تركيا الدولة المجاورة فان محطة باليكاسير ذات المحركات الثمانية لها القدرة من التخلص من 1600 طن من النفايات يوميا تنتج 11312 ميكاواط، وفي الصين فإن محطة لوجانج زن في مدينة شنغهاي التي تعتبر أكبر محطة في العالم في مجال تحويل النفايات الصلبة حيث تقوم بحرق مليون طن سنويا لتولد طاقة مقدارها 60 الف كيلوواط من الكهرباء، وفي كندا تقوم محطة فانكوفر بحرق 260 الف طن من النفايات سنويا لتولد طاقة تكفي ل160 الف بيت وتحقق البلدية إيرادا مقداره 8 ملايين دولار كندي في السنة، بالإضافة لهذه الأمثلة فهناك تجارب في الشارقة والنمسا والعديد من دول أوروبا بالإضافة إلى مصر التي خاضت هذه التجربة منذ أكثر من عشر سنوات.
كما أن وزارة البيئة كانت قد سبق أن تناولت مثل هذه الأفكار، ففي حديث خاص لوزير البيئة لجريدة المدى العراقية توقف فيه عند مقترح مشروع تدوير النفايات واهميته في تحقيق التنمية المستدامة من خلال انتاج الطاقة الكهرباء والتي تعد مصدرا لا غنى عنه في كافة جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية معتبرا أن الجهات ذات العلاقة بإنجاز هذا المشروع هي أمانة بغداد والمحافظات إضافة إلى محافظة بغداد ونعتقد أن من الضروري إضافة وزارتي التخطيط والبيئة إلى هذه الأطراف، وقد سمى هذا المشروع ب( مشروع قانون المركز الوطني لإدارة النفايات) وهذا المشروع مرهون بموافقة مجلس الوزراء. ولكي يحقق هذا المشروع أهدافه فلابد من تعيين إدارة كفؤة وجدية في التنفيذ عبر إنشاء معامل تتولى عملية فرز وتدوير النفايات وإنتاج الطاقة من خلال الغازات المنبعثة عن حرق النفايات بهدف انتاج الأسمدة العضوية التي تأتي من مخلفات الأطعمة للإفادة منها في الإنتاج الزراعي. إن ميزة تدوير النفايات تتجسد في قلة التكاليف وتوفير الطاقة وتخليص المجتمع من تكدس النفايات الضارة بالصحة.
إن هذا المشروع اذ تم الأخذ به فلابد من تفعيله بحرص وجدية والتوسع به كما يفهم من تصريحات المكتب الإعلامي في أمانة بغداد كخطوة أولى، ولابد من الأخذ بعين الاعتبار شمول المحافظات كذلك لتحقيق العدالة في توزيع هذه المشاريع، ولابد من المضي بإنجاز التعاقد مع الشركة الصينية وأية شركة أخرى تتمتع بنفس المزايا ورصد التخصيصات المالية المطلوبة، بالإضافة إلى المشاريع الأخرى في وزارة الكهرباء ومعالجة كافة المعوقات المعرقلة عبر إبعاد الفاسدين وتكليف الكفاءات النزيهة للمضي بهذه المشاريع حتى نهايتها.