اخر الاخبار

تلجأ الدول والعراق من ضمنها إلى وضع الخطط التنموية لتحقيق جملة من الأهداف ومن بينها تحقيق معدلات مقبولة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية يمكن أن تكون قصيرة المدى أو متوسطة أو بعيدة المدى بوصفها أداة لتشخيص الواقع الراهن والتي تعتمد على أربعة أركان وهي إرساء أسس الحكم الرشيد وتشجيع تنمية القطاع الخاص والتركيز على إعادة الإعمار بصورة متوازنة في مختلف المحافظات وإعطاء الأولوية للمحافظات الأكثر تخلفا  والحد من الفقر، ولهذا فإنها تتطلب رؤية واضحة في طبيعة السياسات الاقتصادية وأهدافها الملموسة  ومدى ملائمتها مع الواقع الاجتماعي الراهن .

بعد عام 2003 أعلنت الحكومات المتعاقبة عن نشر خمس خطط وبرامج تشمل الفترات 2005-2007 ،2007- 2010 ،2010 -2014 ،2013-2017 ،وآخرها خطة 2023- 2028 وبغض النظر عن فشل الخطط السابقة ومبرراتها فكان مقررا أن تشرع وزارة التخطيط، وفقا للناطق الرسمي في الوزارة وقت ذاك،  لوضع خطة قصيرة المدى لمدة سنتين هما 2022-2023 تتكون محاورها من  دعم الاقتصاد بمختلف قطاعاته ودعم الاستثمار والقطاع الخاص، والمحور الاجتماعي يتعلق بالصحة والتعليم والحماية الاجتماعية والبطاقة التموينية، والمحور الثالث يختص بردم الفجوات التنموية في المحافظات، وليس معروفا عما انتجته تلكم الخطة، ومهما يكن من أمر هذه الخطة فإنها كانت  معلقة على إعداد موازنة 2023 بكل تعقيداتها شأنها شأن الموازنات السابقة واللاحقة وطبيعة الصراعات المرافقة لعملية دراستها وإقرارها.

 من خلال متابعاتنا للاستراتيجيات السابقة بما فيها استراتيجيات التخفيف من الفقر كان مصمموها يستهلونها بعدم اليقين في إمكانية تحقيق أهدافها بسبب غياب عوامل نجاحها التي تتمثل في غياب الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي مما يجعل ترجمتها بنجاح على أرض الواقع تكتنفها الضبابية ولاسيما ضعف إسهام القطاع الخاص بشقيه المحلي والأجنبي بالإضافة إلى الاعتماد الرئيسي على النفط كمورد وحيد لما يشوبه من تذبذب الأسعار بوصفه سلعة عالمية تخضع لعوامل وظروف دولية غير مسيطر عليها، وتضاف إليها  تحديات أخرى وأكثرها بشاعة انتشار الفساد في معظم هياكل الدولة وتجاوزه على التخصيصات المالية لهذه الخطط بأشكال من النصب والاحتيال عبر الموازنات السنوية.

ولا تزال بلادنا تواجه تحديات كبرى تبعث على الشك في قدرة الحكومات العراقية المشكلة وفقا لشكل ومحتوى النظام التحاصصي، ولمصلحة مَن مِن القوى صاحبة النفوذ الأوفر حظا ستؤول في نهاية المطاف، خاصة وأن حجم هذه الاضرار تقدر حسب بعض المصادر ب 88 مليار دولار. وأشد ما يواجه العراق حاليا معالجة أوضاع النازحين الذين يزيد عددهم على 1،6 مليون نازح مازالوا بانتظار عودتهم إلى ديارهم المخربة، وحتى العائدين منهم وهم بالملايين يعانون ظروفا أشد صعوبة حسب تقديرات الأمم المتحدة على أن هذه التحديات تشمل أيضا سكان المحافظات الوسطى والجنوبية التي لم يطالها الإرهاب فإنها ما تزال تفتقر إلى أبسط اشكال الخدمات في مجال الصحة والتعليم والزراعة والصناعة مع الافتقار إلى خدمات الكهرباء وتضاؤل كميات المياه وتدهور أوضاع الأهوار وتداعياتها على الثروة الحيوانية وهجرة سكانها لتستقر في العشوائيات المتناثرة. إن هذا العبء الكبير من التحديات يستدعي مشاركة المجتمع الدولي خاصة وأن الإرهاب ظاهرة دولية مازال خطره ماثلا.

 إن مواجهة هذه التحديات تتطلب مراجعة لفلسفة إعداد الخطط الخمسية عبر منظومة من التدابير مقترحين الاتي:

  1. مراجعة التشريعات المتعلقة بالاستثمار المحلي والأجنبي والعمل على توفير البيئة الاستثمارية الجاذبة للمستثمرين ومراجعة اشتراطات التعاقدات مع المستثمرين من حيث توفير الطاقة الكهربائية والقاعدة التحتية للمشاريع بما فيها طرق المواصلات والأراضي الضرورية للاستثمار ومحاربة أساليب الابتزاز التي يمارسها البيروقراطيون الفاسدون من خلال العقود وأشكال الضغوط الأخرى.
  2. توفير البيانات المحدثة ونشرها تكريسا للموثوقية والاستنارة بالحقائق واعتماد التكنولوجيا لاستحضار المعايير الدولية وإصلاح شامل للجهاز المركزي للإحصاء في كيفية نشر البيانات في المجال العام والحكومي تحت مسمى (مسوحات إحصائية دقيقة).

3. تنسيق أكبر وأوسع بين وزارة التخطيط والجهات الحكومية ذات العلاقة من أجل التوافق على الأولويات والأهداف ومتابعتها.