الألعاب الرياضية التي برزنا فيها ومارسناها منذ مطلع القرن الماضي، مثل المصارعة ورياضة رفع الأثقال، حيث كنا أبطالاً لا يُشق لنا غبار. فكان المصارع عباس الديك ومجيد لول قد ورثا من رياضة الزورخانة (بيت القوة) الكثير من المواصفات، ثم كانت لنا القوة في رفع الأثقال. وقد شكلت هذه الألعاب بداية حقيقية للألعاب الأولمبية في العراق، حيث حققنا أولى الميداليات الأولمبية في دورة روما 1960 عبر النجم العراقي البصري، الرباع عبد الواحد عزيز.
لقد قدمنا في هاتين اللعبتين، المصارعة ورفع الأثقال، إنجازات طيبة، حيث استطاع مصارِعونا تحقيق نتائج باهرة على المستوى العربي والآسيوي، محققين العديد من البطولات المتنوعة. أما في رفع الأثقال، فكان لنا أمجاد وإنجازات كبيرة، حيث شاركنا في البطولة الآسيوية في طهران عام 1957، وأحرز أبطال العراق المركز الثالث. كما فاز الرباع عبد الواحد عزيز بوسام ذهبي، وكامل مسعود بوسام ذهبي، وكاظم عبدكه بوسام برونزي. وفي عام 1959، أحرز العراق الوسام البرونزي في بطولة العالم في وارسو عبر الرباع عبد الواحد عزيز.
ما حققه أبطال رياضة رفع الأثقال كان مثار فخر واعتزاز. ورغم هذه الإنجازات الكبيرة في رياضة رفع الأثقال والمصارعة، فإننا نلاحظ غياب هذه النجاحات عن الرياضة العراقية في السنوات الأخيرة. ويحق لنا أن نتساءل باستغراب وحرص كبير: أين نحن من هذه الإنجازات والنتائج في الساحة الدولية والأولمبية؟
لقد قدمنا في العديد من الألعاب الرياضية، مثل المصارعة ورفع الأثقال، إنجازات كبيرة وأدوارًا متميزة في سنوات مضت. إلا أننا واجهنا في السنوات الأخيرة تراجعًا وفشلًا واضحًا نتيجة ضعف القيادات الرياضية، سواء على مستوى الإدارة أو المدربين، مقارنة بالتقدم والتطور الذي شهدته الرياضة العالمية، مع استخدام الأساليب العلمية في التدريب والحرص على ممارسة العمل الرياضي واستخدام العلم في جميع جوانبه. كل ذلك دفع بالرياضة العالمية إلى التقدم والرقي، بينما بقينا نحن نعتمد على طرق وأساليب بالية، بعيدين عن العلم والمعرفة.
إضافة إلى ذلك، كانت هناك مشاكل وخلافات رافقت العمل الرياضي، مما أدى إلى ابتعاده عن المسار الذي يخدم الرياضة ويطورها، مما أسهم في تراجع مستوياتنا، في الوقت الذي حققت فيه المستويات الرياضية العربية والعالمية تقدماً ورقياً ملحوظًا. أصبح واقعنا الرياضي مريضًا ومشلولًا بسبب الخلافات والمشاكل، بينما بدأت العديد من دول الجوار والمنطقة والعالم في تطبيق برامجها الرياضية، وهو ما أدى إلى تصحيح مسارها ووضعها في المكان المناسب. وبذلك، أصبحت هذه الدول تحظى بمكانة رياضية مرموقة.
أما نحن، فقد عشنا واقعًا مرًا وقاسيًا، واعتقد البعض أن مسارنا كان صحيحًا، وأن خطواتنا كانت مناسبة، ولكن الحقيقة كانت بعيدة عن ذلك. وحتى نتمكن من تصحيح مسارنا، علينا أولاً أن نعترف بالأخطاء والتقصير. عندها فقط يمكننا إدراك الحقيقة ومعرفة الطريق الرياضي الصحيح الذي يؤدي إلى الإنجازات والميداليات الأولمبية.
لتكن هذه الألعاب الرياضية في تاريخنا الرياضي حافزًا لاتحاداتنا الرياضية لإعادة صناعة هذا المجد الرياضي، وليكن سعيهم الدائم هو تطوير ورعاية الألعاب الفردية، لتكون منطلقًا للرياضة العراقية في المستقبل. بعيدًا عن التعصب والحساسية، يجب علينا أن نقدم الدعم الكامل لأبطال اليوم، لكي يؤسسوا قاعدة جديدة للأبطال في المستقبل. ولننسى تعصب الأمس، ولنتذكر عطاء أبطال الأمس وصانعي المجد الرياضي للعراق وشعبه.