اخر الاخبار

قبل اسبوعين تخرج ابني من الجامعة ليحمل بين يديه شهادة البكلوريوس بعد ان حمل قبل اربع سنوات شهادة الدبلوم ،، وقف امامي قائلاً :- والان أين سأعمل ، أم أظل اعمل منظفاً في محل الحلاقة كما كنت من ثلاث سنوات ولحد الان ؟؟

سؤاله اصابني بحيرة ووجوم ، وجثم على صدري همٌّ كبير ،، أين سأجد له عملاً ياترى ؟! ،،، حيث كان منذ اللحظة الأولى لدخوله إلى المدرسة يُمنّي النفسَ بمستقبلٍ باهرٍ وشهادةٍ جامعيةٍ يستفيد منها في حياته !

ويرسم شخصيته على وفق الشهادة التي يتمناها ليعمل بها بصقل موهبته بالدربة والمران والقراءة ثم يعززها بالشهادة الجامعية !

قد تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ، ذات يوم !

وقد تتحطم أحلامه عند صخرة صماء !

وقد يأخذه التيار بعيدا عن مبتغاه ! وقد تصادفه ظروف صعبة تقلب وجهة حياته رأساً على عقب وقد .. وقد ..!

لكن أن يدرس ويتعب صيفاً وشتاءً مواصلاً الليل بالنهار ، ثم يتخرّج حاملاً شهادته الجامعية التي حلم بها ، مؤطرها بفرحته ليعلّقها في غرفة الاستقبال دون أدنى فائدة منها ، هي الصدمة الكبرى لكل واحد منا ؟! وهذا ما حصل ويحصل الآن. منذ اكثر من ثمانية عشر عاماً و أبناؤنا الطلبة يتخرجون بالآلاف من الجامعات والمعاهد الحكومية والأهلية بلا تعيين أو عمل ، ليكونوا عالة على أهلهم والطامة الأكبر إذا كانوا متزوجين طبعا ! شبابٌ بعمر الورود حالمون بمستقبلٍ كبير ، لكنهم عاطلون عن العمل ، يتسكعون على الأرصفة ويقتلون الوقت في المقاهي واللعب دون أدنى فائدة لهم ولعوائلهم ، لأنهم اصطدموا بعقبة كأداء ، ألا وهي توقّف التعيينات الحكومية ، ونادراً ما يحصل احدهم على عملٍ في شركة أهليّة ، وحينما تظاهروا للمطالبة بحقهم المشروع سماوياً وارضياً ومنطقياً ومهنياً قوبلوا بالماء الحار والهراوات والضرب والاعتقال وحتى القتل ، أيعقل هذا ؟؟؟؟؟؟

في كل دول العالم وضمن دساتيرها وخططها المالية سنوياً نجد قوائم مُعدّة وأرقام محسوبة مالياً وإدارياً وخَدَمياً للتعيين في دوائر الدولة ومؤسساتها التربوية والتعليمية والشركات الإنتاجية والخدمية كلا حسب اختصاصه ، بمعنى انه يتخرّج اليوم ويتعيّن غداً، لأنّه درس وتعلّم ليكون رجل المستقبل في بناء الوطن ! لهذا نجد أن جميع الأوطان تعتمد على أبنائها في تقدّمها وازدهارها ، لا أن تتركهم عرضة لأهواء الاستفلاس والحاجة واليأس والقنوط والانتحار  ، وكأنهم لم يحلموا ذات يوم ، ولم يدرسوا ويتعلّموا ويتعبوا في الحصول على الشهادة المعلّقة في غرفة الاستقبال !

على السادة المسؤولين ومَنْ يقود البلد ان يتوقفوا لحظة ويتأملوا الى اين سيصلون بالبلد ؟ وهل اوفوا بما قالوه ومايزالون يقولونه في كل دعاية انتخابية من وعود بان كذبها وزيفها وخداعها للناس ؟؟  حتما تقع المسؤولية الإنسانية هذه في التفكير بمستقبل البلاد على كل مسؤول بالذات ، من خلال التخطيط والعمل الجاد على تعيين الخريجين وأمثالهم وتشجيع الآخرين على الجدِّ والاجتهاد للحصول على الشهادة ليقدّموا خبراتهم علمياً وفكريّاً وثقافياً في عجلة البناء والأعمار، لا إهمالهم وتركهم عاطلين، ومحاربة مَنْ يحصل عليها أثناء الخدمة و العمل ممن لم تسنح لهم الظروف بالحصول عليها في مقتبل العمر، وكأن شهاداتهم الجامعية فاشلة لا فائدة منها !!

عرض مقالات: