اخر الاخبار

أفتش، منذ حين، عن أصول الغدر في السياسة، وأعني طبائع الغدر بين أصحاب الحكم عندما يتنافسون بشراسة على المواقع والمصالح، كما نتابع فصولها الحية، فوجدت بعض جذورها في الحيوان، و(يا للعجب) في الحيتان حصرا، إذْ قال عنها عالم الحيوان الشهير كمال الدين الدميري قبل 600 عام "لا يهمها الجود ومكارم الاخلاق، بل عظم فخد فريسة تُرك ليتعفن ويفسد" ثم  "إنها دابة تمنع المراكب الكبار عن السير" وعلى ذلك نصح الجاحظ بتجنب الحيتان الشرهة التي تعودت أكل العنبر، وهو نوع من السمك اللؤلؤي، وأحسب أن الحوت الذي قطع رجل بطل رواية هيرمان ملفيل الشهيرة (موبي ديك) ينتسب إلى هذا النوع الغادر من الحيتان.

ولا تختلف حيتان الغدر في السلطة، في طبعتها وطباعها عن تلك الحيتان التي (يقول الدميري) "تتنفس من منخرتها الموجودة في أعلى الرأس، وتتخاطب في ما بينها بواسطة الصفير" ولدى الصيادين ورواد البحار قصص مروعة عن تلك الحيتان الغادرة، لكني أشك بالرواية القائلة بأن الحيتان لم تكن لتهاجم البواخر الأمريكية التي كانت تقل في القرن الثامن عشر نساء سجينات يجري نقلهن إلى جزر نائية لزجهن في أعمال السخرة.. مثل شكّي بما يقال إن لا وجود للغدر (الآن) بين حيتان المرحلة.

عرض مقالات: