اخر الاخبار

لو لم يكن هناك مَنْ كتب ملحمة كلكامش، لما عرفنا بعضاً من تاريخنا القديم !

ولو لم يكن هناك مَنْ كتب ملحمة الخليقة، لما عرفنا كيف بدأ الخلق ؟!

ولو لم يكن هناك مَنْ كتب ملحمة المهابهاراتا ، لما عرفنا بعض تاريخ الشعب الهندي ؟!

ولو لم يكن هناك مَنْ كتب ملحمة الشاهنامة ، لما عرفنا بعض تاريخ الشعب الفارسي ؟!!

ولو لم يكن هناك مدوّنون للألواح والتعاليم والكتب، لما عرفنا الأديان وتواريخ الأمم والشعوب منذ بدء الخليقة ولحد هذه اللحظة !

ولو لم يكن هناك شعراء وكتّاب وموثقو سِيَر الشعوب، لما عرفنا أي شيء أبدا !

لأن الشعوب والأمم لن تظل حيّة إلاّ بتدوين تاريخها وسير أبنائها، وما تنتجه من أدب وفن وموسيقى، لهذا بقينا نتداول الحكايات ونستأنس بما يُذكر من بطولات وقصص حب وغرام وأساطير هنا وهناك .

الأولوية وقصب السبق لمن يبدع في تدوين هذه القصص والحكايات والأساطير والبطولات، شعراً أو نثراً أو كتابات تاريخية وروايات أو منحوتات وتماثيل ورسومات ومعزوفات موسيقية.

إذاً هؤلاء المدونون ــ الشعراء والكتّاب والفنانون ــ هم الثروة الحقيقية للبلدان والشعوب، الثروة التي ستبقى بعد أن تنضب كل الثروات الأخرى من نفط وغيرها، لأن هذه الثروات عامل مساعد لتقدّم الشعوب والأمم وتطورها، بينما الأدباء والفنانون عامل أساس في خلودها عبر كل الأزمان والحقب.

لهذا علينا الاهتمام بهؤلاء الثروة الحقيقية من خلال الوقوف على متطلباتهم واحتياجاتهم، ودعمهم وتشجيعهم كي يبدعوا أكثر فأكثر، لا أن نتركهم في مهب الريح تتلاطم عليهم الأزمات يمينا وشمالا، ثم يسقطوا لا ناصر ولا معين، وتظل كتاباتهم ترثيهم، لأنهم قدّموا عصارة أفكارهم وزهرة أعمارهم لمجتمع لم يعرف قيمتهم وثمنهم، بل تركهم يواجهون مصائرهم فرادى!

لن يكون الاهتمام حقيقياً ونابعاً من صميم ضمائرنا ونفوسنا إذا لم نقف بشكل جديّ على كل ما يديم إبداعهم وحلّ أزماتهم من سكنٍ يليق بهم ومصدر عيش وطبع نتاجاتهم وترويجها، والاهتمام بهم صحياً والسؤال عنهم بين آونة وأخرى، وان نعطيهم المكانة التي يستحقونها وندخل السعادة الى قلوبهم من خلال تكريمهم والاحتفاء بهم وهم احياء، ليعيشوا لحظات الزهو والفرح، وحتماً ستبقى أسماء المبدعين من الأدباء والفنانين خالدة يتداولها الناس كلما قرأوا كتابا أو سمعوا أغنية أو شاهدوا فيلما أو لوحة ما.

المبدعون من كل الأصناف والأجناس والأجيال هم الثروة الحقيقية والخالدة للوطن والناس جميعا، على المسؤولين أن يعوا هذه الحقيقة ويلتفتوا إليهم، لأنهم ــ اقصد المسؤولين ــ ذاهبون وسيبقى المبدعون، فما عليهم سوى أن يتركوا أثراً أو بعض ذكرى من خلال اهتمامهم بثروتنا الحقيقية بشكل حقيقي وصادق. ولنا عودة اخرى في هذا الحديث.