يشكل القطاع الصناعي في كل بلد العمود الفقري الذي يبنى عليه الاقتصاد الوطني ويعد الخازنة الأساسية الذي تتغذى عليها القطاعات الاقتصادية كلها وهو الأمر الذي يلقي على الحكومة العراقية واجب العناية الفائقة في تطوير هذا القطاع الحيوي ومعالجة الاختلالات البنيوية من خلال سياسات علمية تقوم على البحث والتقصي واتخاذ القرارات السليمة التي ترتقي بهذا القطاع إلى مستوى التجارب العالمية الرائدة.
إن الكثير من منتجات الصناعة الوطنية كانت تحظى بقبول أسواق المنطقة اذ كان عدد المصانع يزيد على 227 مصنعا العاطل منها بعد عام 2003 140 مصنعا فضلا عن ذلك فان هناك 18 الفا و167 من المشاريع الصناعية في القطاعين الحكومي والخاص متوقفة عن العمل وتشكل هذه المشاريع 23 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي فيما لا يشكل قطاعا الصناعة والزراعة حاليا أكثر من 5 في المائة من هذا الناتج. إن الأسباب التي تقف وراء هذا التردي المروع يمكن تلخيصها بالآتي:
- عمليات السلب والنهب التي تعرضت لها المصانع الحكومية خلال فترة الانفلات الأمني الذي اقترن بدخول القوات المحتلة.
- اللجوء إلى نظام السوق المفتوح الذي رسمه الحاكم الإداري الأمريكي واستمرت عليه الحكومات العراقية اللاحقة وما ترتب على هذا النظام من تدفق السلع الاستهلاكية إلى السوق العراقية تطبيقا لسياسة الإغراق التي مارستها الدول الأجنبية وبضمنها المنتجات النفطية التي يفترض ان يكون العراق النفطي مكتفيا منها وكل ذلك يجري بطرق فوضوية.
- تقادم وسائل الإنتاج في المصانع القديمة التي يعود تاريخها إلى ستينيات القرن الماضي وما بعدها واعتماد أساليب تقليدية في الإنتاج والتسويق ونقص كبير في الطاقة الكهربائية التي تعد سببا أساسيا في تنشيط حركة التصنيع.
- لجوء الحكومات إلى تعيين إدارات تفتقر إلى الكفاءة والخبرة في عمليات التصنيع ولكن عرفت بفقر نزاهتها وسمتها الأساسية انتماؤها إلى أحزاب السلطة.
- انتشار ظاهرة الفساد في المصانع الحكومية هذا إضافة إلى اتباع أساليب استثمار تفتقر إلى الضوابط القانونية والجودة الاقتصادية في العديد من المصانع العامة وهي تجربة ثبت فشلها في الإنتاج والعمالة.
6.اهمال الثروة المطمورة تحت الأرض من الكبريت والفوسفات والأحجار الكلسية وغيرها من المعادن وكادت تتسع وقد تتفوق على البترول لو أعارت الحكومات اللاحقة الانتباه اليها.
وقبل هذا وذاك قلة نسبة التخصيصات الحكومية الاستثمارية المحددة في موازنات الحكومية والتي لا تزال تقل 25 في المائة من إجمالي الانفاق العام، زد على ذلك عدم التوافق بين الوزارات العراقية على أهمية الاستفادة من المنتج الوطني بحجة ضعف تقنية المنتج الوطني. لقد اصدرت الحكومة العراقية اكثر من مرة قرارات تلزم الوزارات العراقية بتغطية احتياجاتها من المنتجات الوطنية التي تنتجها الشركات العراقية او القطاع المختلط ومنها قرار مجلس الوزراء المتخذ بجلسته بتاريخ 3/2/ 2015 والذي يقضي بإقرار توصية لجنة الشؤون الاقتصادية في الأمانة العامة حول شراء المنتوج الوطني وتفعيل نشاط الصناعة الوطنية وزيادة مساهمتها في الانتاج المحلي الإجمالي وآخرها توجيه رئيس الحكومة محمد شياع السوداني في تموز عام 2024 الذي أكد فيه على إعادة النظر في القرارات والسياسات الاقتصادية التي جرى اتخاذها في مراحل سابقة. ولأجل مراجعة أسباب التردي نقترح الآتي:
- قيام الحكومة ضمن برنامجها اللاحق بإيلاء اهتمام كبير للمصانع الحكومية القديمة العاملة حاليا والمعطلة عبر توفير التخصيصات المالية الكافية وتمكينها من منافسة حقيقية مع الشركات الأجنبية في الخارج ويتعامل العراق معها تجاريا.
- تنشيط عمليات التسهيل الائتماني من قبل المصارف الحكومية والأهلية بفوائد ميسرة يلعب فيها البنك المركزي دور الموجه والمراقب من أجل تحريك صناعات القطاع الخاص والمختلط والعمل الجاد على توفير مناخات مناسبة لجذب الشركات الاستثمارية الأجنبية.
- تفعيل قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمل والاستفادة من التجارب العالمية من أجل تشجيع الطبقة العاملة على زيادة الإنتاج.
- العمل من أجل جذب الكفاءات العلمية والمهارات المهاجرة والمهجرة وتشجيعها للعودة والاستفادة منها وفق خطة مدروسة ارتباطا مع سياسة الحكومات الغربية في إعادة هؤلاء إلى بلدانهم.