اخر الاخبار

مرت أربع سنوات وقرن من الزمان على تأسيس أول فوج عسكري عراقي، والذي يُعتبر النواة الأولى للجيش العراقي، وقد سُمّي بفوج موسى الكاظم. وتوالت بعده العجلة بالدوران، فتوسّع الجيش شيئًا فشيئًا ليصبح القوة الضاربة التي يُشار إليها بالبنان في مسيرة الحكومات العراقية منذ ذلك الوقت، عبر تحرّك بعض القادة العسكريين لتغيير الحكومات بالانقلابات والثورات. وكان آخرها ثورة 14 تموز الخالدة التي أطاحت بالحكم الملكي. ولا يمكن نسيان ما فعله ضباط الجيش عام 1941 حين أعلنوا الثورة ضد الوجود البريطاني في العراق، وكذلك ما كان للجيش العراقي من مشاركات فعّالة في الحروب ضد إسرائيل، كما في 1948، 1967، و1973، ودوره البطولي فيها، لولا مواقف البعض من حكام العرب!

أثبت جيشنا منذ تأسيسه وحتى عام 1991 بطولة لا مثيل لها في الدفاع عن الأرض والشعب وحماية الوطن. لكن ما حصل عام 1991 من هزيمة مُرّة حين أجبر الأحمق المقبور صدام حسين الجيش على غزو الكويت، والوقوف بوجه تحالف دولي لجيوش تمتلك من الخبرة التكنولوجية والتسليح الحديث الشيء الكثير، كان مؤلمًا. تحديدًا بعد انسحاب القوات العراقية من الكويت وما تعرضت له من إحراق ودمار بفعل قصف الطائرات الأمريكية والبريطانية وغيرها، حيث أبكتنا تلك المواقف المحزنة جدًا، والتي لابد من استذكارها:

حين دخل الجنود العراقيون المنسحبون إلى البصرة، وعلى جسر الزبير، قصفتهم الطائرات الأمريكية وحليفاتها، فتناثرت الجثث الممزّقة على الجسر وفي شط البصرة. اصطبغ الشارع العام بالدم. يا له من منظر رهيب تقشعر له الأبدان حزناً وألماً على جيش قدّم الانتصارات تلو الانتصارات، لكنه يُهان بهذا الشكل وبحالة يرثى لها. جنود يبكون، وضبّاط يرمون رتبهم على الأرض ويدوسون عليها، والدموع تملأ مآقيهم. عجلات ودبابات ومدرعات محترقة تفوح منها رائحة اللحم البشري. وعلى إثر ما حدث، انتفض أبناء العراق وكادوا أن يُدموا عروش الطغاة لولا ما حصل بعدها.

ولو كان الجيش العراقي في وقت اجتياح داعش الإرهابي لمحافظاتنا، بقوته المعهودة، وهناك إرادة سياسية وطنية للمقاومة والتصدي، بعيدًا عن الحسابات السياسية الضيقة، لما استباحت داعش شبراً واحداً من أرض العراق!!

ونحن اليوم إذ نستذكر جيشنا في ذكرى تأسيسه المائة والرابعة، يجب أن نقف ونتأمل تأريخه المشرّف، ثم نعمل بما يليق بهذا التاريخ من خلال إعادة النظر في تسليحه بالشكل الموازي لكل ما تتسلح به الجيوش العالمية، وإعطائه المكانة التي يستحقها قولًا وفعلاً. لأن الجيش العراقي هو السور الحقيقي للوطن، والحامي لكل شبر فيه، والمدافع عن الأرض والعرض والتاريخ، أمسًا واليوم وغدًا. إنه الجيش العراقي وكفى. وكل كانون وجيشنا بألف خير.

عرض مقالات: