إنَّ اعتماد المستشارين في مختلف القطاعات يُعدّ خطوة على الطريق الصحيح، وخاصة في قطاعنا الرياضي. وفي هذا السياق، اتخذ رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية العراقية قرارًا صائبًا باختيار الأخوين أحمد عباس وباسم جمال كمستشارين في الشأن الرياضي. علماً أن اللجنة الأولمبية مختصة بكل الألعاب الرياضية (وليس بكرة القدم فقط)، وأن المستشارين كانا يشغلان منصب أمين سر الاتحاد العراقي لكرة القدم، حيث تركزت خبراتهما في مجال كرة القدم مع معرفة ثانوية في الألعاب الأخرى.
وبناءً على ذلك، أجد أن خبرتهما تقتصر على كرة القدم فقط، لذا أطالب الأخ رئيس اللجنة الأولمبية بإضافة خبراء متخصصين من الأكاديميين في ألعاب الساحة والميدان، أو بالإيعاز بتشكيل لجنة من مختصين في ألعاب متنوعة بغية تقديم استشارات مفيدة وصحيحة. إن الاقتصار على استشارة كرة القدم فقط ليس دقيقًا، فنحن لا نهدف إلى الفوز بميدالية ذهبية في كرة القدم الأولمبية، لأن ذلك يعدّ هدفًا صعب المنال. ولكننا نسعى لتحقيق ميدالية أولمبية من أي نوع كانت، لتضاف إلى "الميدالية اليتيمة" التي حققها الراحل عبد الواحد عزيز في أولمبياد روما عام 1960، أي قبل أكثر من خمسة وستين عامًا.
إننا نأمل أن يتم البحث عن ميدالية أخرى في الألعاب الأولمبية في هذا العصر، ليكون لدينا إنجاز يشارك "الميدالية اليتيمة" في الفرح، ويُسهم في إنهاء الحزن الطويل. وهذا الهدف يمكن تحقيقه في ألعاب أخرى حيث كنا أقرب للميداليات، وليس في كرة القدم. لذا علينا توظيف طاقاتنا الرياضية والإدارية والاستشارية من أجل تحقيق ميدالية أولمبية في ألعاب أخرى.
وأقول لقائد أولمبيتنا الجديد: عليكم بالاهتمام بالألعاب الفردية والعمل بجد من أجل تطوير هذه الألعاب وتحقيق الانتصارات فيها على المستويات العربية والقارية. عندما تتحقق هذه الانتصارات، نقول لكم: "مبروك، لقد اقتربتم من الميدالية الأولمبية"، وستكون خطواتكم قد اقتربت من تحقيق الإنجاز المطلوب.
إن السعي لتحقيق ميدالية أولمبية هو من أسمى الطموحات، لكن لتحقيق هذا الإنجاز يتطلب الأمر تضافر الجهود في الأندية الرياضية وفعالياتها، ودور الاتحادات الرياضية واختياراتها للأبطال، ومساهمة الخبراء الأكاديميين في البحث عن المواهب والكفاءات، ودفعهم إلى معسكرات وبطولات في دول متقدمة في ألعاب متنوعة. عندها نكون قد وضعنا أقدامنا على الطريق الصحيح.
إن العمل الأولمبي الصحيح يتطلب تخطيطًا مستمرًا لسنوات طويلة، بناءً على خطط سنوية، خمسية وعشرية، ولأعمار متواصلة من مختلف الأجيال. ويعتمد ذلك على التعاون مع مدربين وخبراء أجانب ومحليين، وفقًا لاتفاقات وبروتوكولات حكومية مع دول متقدمة في هذه الألعاب، وخاصة في الألعاب الفردية. ويشمل ذلك اكتشاف مواهب في اتحاد ألعاب القوى، وكذلك في المصارعة والملاكمة والرفع الثقيل، على سبيل المثال. ويجب أن يبدأ البحث عن المواهب في الأعمار المبكرة.
أطالب الأندية الرياضية بالاهتمام بالبراعـم والصغار، وكل اتحاد يجب أن يختار من هؤلاء الصغار ويقدم لهم الدعم الأولي والتشجيع في السنة الأولى، ثم يراقب تطورهم ونموهم الجسدي والعقلي. كما يمكن لبعض الاتحادات أو الأندية تأسيس مدارس خاصة بألعابها، وتعيين مدربين ومساعدين لهم، لتدريب اللاعبين يوميًا على مدار الأسبوع ومراقبة تطورهم من الناحية التقنية والصحية. هذا العمل طويل وشاق، لكن العديد من الدول المتقدمة تسلك هذا الطريق، وتعمل بجد لتطوير أبطالها الصغار.
أحبتي، يا قادة الرياضة الأولمبية، إذا كنتم تسعون لتحقيق إنجاز أولمبي وميدالية مضمونة، فعليكم بالعمل المجتهد والمثابر، فالتقدم والتحقيق لا يأتيان إلا من خلال الجهد والعطاء الغزير. خطوتكم في اختيار مستشارين وخبراء في العمل الرياضي خطوة موفقة ومهمة، وهي بلا شك خطوة على الطريق الصحيح. أملنا أن نجد مستشارين وخبراء في ألعاب أخرى تهمنا وتساهم في نجاحها. ولنا عودة.