الرياضة قطاع حيوي ومهم، وهي تخدم الجميع ولمصلحة الكل. تعمل بها جميع الأوساط والقطاعات المجتمعية، أي أنها، وبحق، قطاع وطني يشمل الجميع ويعمل فيه الكل دون تمييز أو تفضيل. لكن البعض يعتبرها قطاعًا خاصًا به (وبجماعته)، ويحاول هذا البعض احتكارها والسطو عليها بكل الطرق والأساليب، وبحجج شتى وأساليب متنوعة وطرق مختلفة. بينما الواقع أن هذا القطاع الرياضي هو وطني بامتياز، ولا يحق لأي مواطن احتكاره تحت أي مسمى أو تبرير إلا من خلال الكفاءة والقدرة والخبرة والتخصص والنزاهة والوطنية.
أما أن نجد البعض من الطارئين والدخلاء وقناصي الفرص يتصدرون ويسعون لقيادة المؤسسات الرياضية، فهذا حرام وغير مقبول ومرفوض جملة وتفصيلًا، لأن القطاع الرياضي هو قطاع اختصاص يعتمد على الخبرة والكفاءة، ولا مجال للعمل فيه لغير المتخصصين. وأن غياب المتخصصين عن قيادة هذا القطاع سيؤدي بالضرورة إلى حدوث التراجع والنكوص في هذا المجال الحيوي، وهذا ما شهدناه في الفترات السابقة قبل عام 2003، وتكرر (مع الأسف) بعدها وفي هذه الأيام.
لقد مر القطاع الرياضي بفترات انتعاش وتقدم في فترات سابقة، خاصة بعد ثورة 14 تموز 1958، حينما حققنا الميدالية الأولمبية في دورة روما عام 1960 (وكانت الأولى والأخيرة)، وبعض الفترات بين عامي 1972 و1974، حيث عملت الكفاءات والخبرات الرياضية المخلصة والجيدة. لكن بقية فترات العمل الرياضي سادت فيها العلاقات والمصالح الخاصة والنفعية، وتدخل الكثير من الطارئين (وأزلام النظام وأبنائه) في القطاع الرياضي، مما أدى إلى تراجع الرياضة وتذبذبها.
ورغم ظهور بعض الإنجازات بسبب "الخوف والعقوبات" وسطوة البعض من المتنفذين، إلا أن القطاع الرياضي هو قطاع حياتي فاعل يتطلب المشاركة الفاعلة والمؤثرة فيه، وقيادته بشكل فاعل ومؤثر من قبل المختصين الذين يعرفون أسراره ويفهمون فنونه. لأنه يعتمد على الكفاءة والخبرة، مما يسهل طبيعة قيادة العمل الرياضي ويدفعه نحو تحقيق الإنجاز. أما الطارئون على هذا القطاع، فنجدهم يسعون لتحقيق أهدافهم ومصالحهم على حساب رياضة الوطن، وليس لتحقيق الإنجازات الرياضية التي ترفع اسم الوطن وسمعته.
وهذا ما يحدث اليوم في الواقع الرياضي، حيث تم تكليف البعض لقيادة هذا الاتحاد أو ذاك النادي، وهم لا يعرفون العمل فيه. وعند غياب المعرفة والعلم بهذا الجزء من القطاع الرياضي، نجد أن ما يحدث هو الفوضى الرياضية. والمطلوب دائمًا، كما يقولون، "وضع الرجل المناسب في المكان المناسب"، أما إذا وضعنا هذا بدلاً من ذاك، فهذا خطأ كبير، خاصة في المجالات الاختصاصية مثل الرياضة، حيث يشكل هذا تجاوزًا لا يمكن التغاضي عنه وفعلاً مهدماً للبناء الرياضي الصحيح.
وما دمنا نعتبر الرياضة للوطن ومن أجله، فعلينا أن نتصرف بها بشكل يخدمها ويطورها، لأنها مسؤولية نتحمل جميعًا وزرها وأخطاؤها وعيوبها ونواقصها. من أجل النهوض بالقطاع الرياضي والارتقاء به وتحقيق الإنجازات، أقول لأحبتي العاملين في هذا المجال: عليكم بالاهتمام بالرياضة والسعي لتحقيق الإنجازات التي ترفع من شأن عراقكم، لأن الرياضة للوطن ومن أجله. علينا أن نؤمن بهذا الواقع دون غيره، ونعتبر ذلك رسالة واضحة وصريحة يحملها شرفاء الرياضة دفاعًا عن رياضتهم ووطنهم. ولنا عودة.