ما مرّ يومٌ الأّ ونقرأ أو نسمع خبراً عن فاجعة ما، ضحيتها امرأة. أتذكر فواجع كثيرة حدثت في قريتنا وما جاورها، كانت الضحايا فيها نساء ولأسباب تافهة جداً، مرّةً سمعنا أن أحدهم ذبح أخته، قيل دفاعا عن الشرف والسمعة، وتبيّن أنها الشرف ذاته وسُمعتها أصفى من البياض، ليندم أشدّ الندم ويموت كمدا!! ومرّةً أحرقت امرأة نفسها لسوء معاملة زوجها لها تاركة أطفالاً ثلاثة، وغيرها الكثير، وما نزال نسمع عن سوء المعاملة التي يقابل بها الزوج زوجته، أو الأب ابنته، او الأخ أخته، وهكذا.
سواء تحدّثت عن ابنتي أو جارتي أو أي امرأة عراقية لم تر السعادة والراحة والأمان مع رجل لا يعرف قدرها، لم أفِ حق هذه المسكينة الأنثى، التي لولاها لما كنّا موجودين في هذه الحياة أصلاً، فلو لم يكن هناك ذكر وأنثى، كيف كانت ستتكاثر الكائنات وتستمر الحياة؟!
الأسئلة كثيرة على حتمية وجود عنصر آخر لتكتمل دورة الحياة في الطبيعة، إذ أن لكل كائن جنسين هما الأساس في تكاثره واستمراريته، والكائن البشري مكوّن من هذين الجنسين أيضا، ذكر وأنثى متكافئان ومتساويان في كل شيء، لذا علينا أن نعرف جيداً هذا التكافؤ وهذه المساواة، ونضع الحدود والقوانين الحقيقية التي تراعي حق الاثنين معا، لأنه لولا الأنثى لما كان لنا وجود أو فائدة تذكر، واحترام الأنثى وإعطاؤها حقّها وتقديرها واجب إنساني على الجميع أن يعمل بموجبه، فالمرأة هي الأصل، هي الرحم والمنبت والنهر الساقي والنبض في العروق.
ولا يمكن ان ننسى الجمال الذي تبعثه الأنوثة في هذا الكون. ما علينا إلاّ أن نفكّر جيداً، ونراجع أنفسنا لنعرف أي قلب طعنّا، وروح أحزنّا ونفس كسرنا، عندما نعاملها بقسوة وجفاء!! لماذا نعذّبها ونعنّفها، ألانها ضعيفة ومهيضة الجناح دائما؟! ألأنها رقيقة وحنونة وطيّبة دائماً؟! هل ننسى أنها العالم كله؟!
المرأة قارورة العسل، يجب أن نعرف قيمتها الحقيقية جيدا، ولا تأخذنا الجهالة والرعونة والحماقة وقلّة الوعي في النيل منها!!
ألم تشاركنا في كل شيء؟! وأقرب دليل على ذلك وقوفها مع أخوتها الشباب حينما انتفضوا مطالبين ببناء وطنهم، وبحريّة الشعب وكرامته، وبإصلاح المنظومة الفاسدة، وتقديمها القرابين من بنات جنسها شهيدات على مذبح الحرية دائماً منذ فجر التاريخ لحد هذه الساعة!!
المرأة نصفنا الحلو، لماذا نجعله مُرّاً؟! بل نصف المجتمع وأساس بنائه، علينا أن نسعى وبقوة إلى تشريع قانون ضد العنف الأسري، ونؤكد على احترام حقوق المرأة وإنسانيتها، إذا كنّا إنسانيين حقاً؟!