اخر الاخبار

المفروض بالموازنات السنوية لعام 2021 ان تكون مهمتها الأساسية توحيد الروابط بين استراتيجيات التنمية الوطنية الاقتصادية وبين استراتيجيات الحد من الفقر، وأن تعالج فيما بينهما من إشكاليات عديدة اهمها تطوير عمليات التنمية وإنعاش الاقتصاد بما فيه توفير فرص العمل وتوزيع الدخل وتخفيض نسب الفقر.

ففي الوقت الذي تصرح الحكومة ووزير المالية أن التدابير المالية  التي وردت في الورقة البيضاء والتي انعكست في موازنة 2021 سوف تحقق الخطة الإصلاحية الحكومية وفي نفس الوقت سوف تحسن من مستوى الفقر، لكن الأرقام التخمينية في الموازنة كانت أكثر صراحة مما قيل وسمعنا، فعلى سبيل المثال أن البطاقة التموينية وهي المعول عليها في توفير السلة الغذائية في ظروف الأزمة الاقتصادية الخانقة جاءت مخيبة للآمال فان تخصيصاتها انخفضت من تريليون ونصف في موازنة 2019 الى 795 مليار في موازنة هذا العام حيث لم تزد عن   5،0  بالمائة  من إجمالي النفقات العامة أي بانخفاض نسبته 48 في المائة عن تخصيصات العام الماضي.

أما بالنسبة  لسوق العمل فإن الموازنة سدت الأبواب أمام تهيئة الفرص لتشغيل العاطلين إلا في أضيق الحدود وإبقاء مئات الألوف من الخريجين سنويا على الرصيف حتى مهنة  العتالة في سوق الشورجة الذي طالته الازمة الاقتصادية في وقت يتراجع القطاع الخاص أكثر مما كان لأن الدولة التي صدعت رؤوسنا باقتصاد السوق لم تمكنه من إعادة الحياة بمستوى العقود التي سبقت مرحلة تغيير النظام،  فضلا عن ذلك فان المشاريع الاقتصادية المتوقفة في القطاعين الحكومي والخاص وعددها 50 الف مشروع صغير ومتوسط قد تصل الى مائة الف مشروع إذا ما استمرت السياسة الاقتصادية بنفس السياق وبالتالي كيف سيكون خفض قيمة الدينار منشطا لهذا القطاع ؟ مع العلم بان تخصيصات وزارة الزراعة في موازنة هذا العام 311 مليار دينار ووزارة الصناعة 1173 مليار دينار ومجموع هذه التخصيصات تشكل نسبة 0،9 بالمائة من اجمالي النفقات العامة فيما كانت النسبة 1،5 في المائة من تخصيصات 2019.

وإذا أمعنا النظر في الاثار التي انتجتها جائحة كورونا ناهيك عن المصابين بالأمراض المزمنة وأكثرها ترويعا الأمراض السرطانية التي تقتضي من الحكومة أن تنصف هؤلاء بتوفير الأدوية وبالكميات التي تتناسب مع حجم الاصابات من خلال رصد التخصيصات المناسبة فعلى النقيض من ذلك فان تخصيصات الأدوية بلغت (1،35) تريليون دينار أي 0،8 بالمائة من إجمالي النفقات العامة وبنسبة انخفاض 10 في المائة من تخصيصات العام الماضي.

ويبقى ما تعرض له موظفو الدولة هو الصدمة الأكبر وبازدواجية مضاعفة، فمن جهة فرضت عليهم ضريبة الدخل على كامل الراتب ومن جهة أخرى انخفاض القيمة الشرائية للراتب من جراء خفض سعر الصرف، وأما شمول المتقاعدين بضريبة الدخل فإنه يتعارض مع قانون الضريبة رقم 113 لسنة 1982 الذي يعفي المتقاعدين من ضريبة الدخل.

 إن موازنة 2021 اصبحت الآن على ذمة مجلس النواب وبما أنه دستوريا يعد ممثلا للشعب العراقي فانه مطالب بالإمعان في دراسة الموازنة بما ينصف المواطنين العراقيين لاسيما وأن أسعار النفط في السوق العالمية قد وصلت الى 54 دولار للبرميل ومن المتوقع ان يصل الى 65 مليار دولار في هذا العام ونقترح ما يلي:

  1. اعفاء رواتب الموظفين الذي لا تزيد عن مليون دينار وفرض نسبة 10 في المائة لمن يتقاضى أكثر من مليون ولغاية ثلاثة ملايين دينار و20 في المائة لمن يزيد راتبه عن 3 ملايين ولغاية 5 ملايين و50 في المائة لمن زاد عن ذلك.
  2. إعادة النظر في المبالغ المخصصة للبطاقة التموينية لما يزيد عن 5،1 تريليون دينار مع مراعاة عدد المواد التي تحتاجها العائلة العراقية بما يسهم في تامين غذائها وبنفس المعنى مراجعة تخصيصات الأدوية وخصوصا الامراض المزمنة وتوفيرها في المستشفيات الحكومية.
  3. تخفيض التخصيصات المحددة لبعض القطاعات من أجل توفيرها للقطاعات الضعيفة ومنها قطاعات الأمن والدفاع والإدارات العامة المركزية والمحلية وجوانب الهدر في قطاع الطاقة ومنها على سبيل المثال عقود التراخيص النفطية.
عرض مقالات: