اخر الاخبار

عاد الحديث مجددا عن قانون الانتخابات، وبدأت تُطرح تساؤلات بشأن تغييره او بقائه بصيغته الراهنة النافذة، وهو الذي جرى تبنّيه عشية انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة؟

 ولعل اكثر أمرين في القانون أثارا الجدل هما: آلية توزيع المقاعد، حيث جرت العادة ان يعتمد نظام سانت ليغو، بعد ان يتم في كل مرة “لعب طوبة” به حتى ينحرف عن صيغته الأصلية ( ١, ٣, ٥, ٧ …..)  لتكون البداية في صيغة القانون النافذ مثلا  ١,٧.  فصيغته الأولية هي الأقرب الى تحقيق قدر معقول من العدالة، وتوفير فرص لجماعات وقوى متعددة.

والأمر الاخر هي مسألة الدوائر الانتخابية، فبعد ان جُرّب تعدد الدوائر (الدوائر الصغيرة) في المحافظة الواحدة، جرى التحول الى الصيغة الحالية باعتماد المحافظة دائرة انتخابية واحدة. والآن أيضا هناك من ينادي بتغيير ذلك، وبعض الدعوات حتى لا تتحدث عن مقترح محدد، بل تطالب بذلك وحسب. ونسمع ونقرأ عن كيف يبحث المتنفذون في هذه الدعوات، عن مصالحهم ونفوذهم لا غير وعن كيفية ضمانها.

يُذكر ان اول انتخابات للجمعية الوطنية سنة 2005 كانت قد جرت في ظل قانون شكل العراق فيه دائرة انتخابية واحدة، وتم توزيع المقاعد وفقا للباقي الأقوى. ويمكن القول ان هذه الصيغة هي ما تجري المناداة به والعمل من اجله في العديد من البلدان، وحتى في تلك التي تترسخ فيها الممارسة الديمقراطية والحياة البرلمانية، كونها تحمل الكثير من المزايا الجيدة، فهي الأقرب الى تمثيل خيارات المواطنين، ولا تهدر فيها الأصوات، كما انها الأكثر ملائمة في مجتمع تعددي مثل مجتمعنا.

والواضح ان الدول التي ترغب فعلا في استقرار مجتمعاتها وانظمتها وفي تعزيز الحياة الديمقراطية فيها وتوسيع دائرة المشاركة في الانتخابات، وفي تحسين تمثيل إرادة المواطنين، تبحث باستمرار عن آليات تحقيق ذلك، وليس عن المصالح الذاتية وتقديمها على المصلحة العامة.

وإذ يصعب الحديث عن صيغة متكاملة للقانون الانتخابي، فان المتابعة تشير الى تعدد الصيغ، ومنها الصيغة المختلطة التي تعتمد الدائرة الوطنية الواحدة والدوائر المتعددة، والتي تأخذ بها دول عدة منها الأردن في انتخاباته الأخيرة، بأمل استمرار تطويرها كما أشار القانون.

من دون ريب ان الثبات النسبي للقانون ضروري، خصوصا وان تغيير مواده يجري في بلادنا حسب أهواء ومزاج المتنفذين، وبعيدا عن المصلحة العامة وعما يساعد على التمثيل الأفضل ويرفع نسبة المشاركة ويطمّن المواطن على عدم ضياع الصوت الانتخابي.

ويبقى مهما ان نشير الى ان الخيارات الأفضل للقانون وللمنظومة الانتخابية بكاملها، لا يُنتظر ان تتحقق كمكرمة أو هبة بل لابد ان تنتزع، فالمتنفذون يبحثون عن مصالحهم، وهم في وطننا الأقلية القليلة، لذا حان الوقت ان تبحث الأغلبية عن مصالحها، ولن يتحقق هذا الا بالتخلي عن “آني شعليه” والتوجه الجدي الى الفعل والنشاط والمشاركة في الشأن الوطني العام، وبضمنها المشاركة في الانتخابات لتكون احدى روافع التغيير المطلوب.