اخر الاخبار

كنا قد تحدثنا في الحلقتين السابقتين عن اللجنة الأولمبية الوطنية العراقية ودورها وأثرها في الرياضة العراقية، كما تناولنا واقع الأندية الرياضية وأثرها في رياضة الوطن، وقدّمنا بعض الأفكار والمقترحات. واليوم يسرنا أن نتحدث عن واقع الاتحادات الرياضية ودورها، والأسباب التي ساهمت في إخفاقاتها، وما هو الحل المناسب.

لقد كانت الاتحادات الرياضية المركزية في الفترات التي سبقت عام 2003 تضم غالبية من العاصمة بغداد، مما ساهم في غياب أغلب أبناء المحافظات عن تشكيلاتها الاتحادية. لكن الحال قد تغير اليوم، حيث ظهرت وجوه جديدة وكفاءات متميزة من أبناء المحافظات. إلا أن هذه الاتحادات، رغم التغيير، ظهرت اليوم بشكل ضعيف مع غياب العديد من الأعضاء وعدم حضورهم إلا في المناسبات، مما أضعف دور الأعضاء الآخرين، خاصة من غير العاصمة.

إن هذا التغيب وعدم الحضور له آثار سلبية، حيث يترك الفرصة سانحة للرئيس وأمين السر للسيطرة على العمل داخل الاتحاد. كما لم نجد أي أدوار فعّالة للاتحادات الفرعية (المحافظات)، مما يهمش دورها ويؤدي إلى ضعف قدرتها على التأثير. وفي الوقت الذي تتطلب فيه بعض الواجبات والمهمات السفر والإيفاد، نجد أن العديد من الأعضاء يتواجدون في اليوم المناسب فقط.

إن العمل الاتحادي يتطلب مساهمة جميع الأعضاء والناشطين في الاتحادات الرياضية أثناء إقامة البطولات والنشاطات الاتحادية. ومن هنا، أؤكد على الاتحادات الفرعية في المحافظات أن تؤدي دورها وفعالياتها بكل حماسة واندفاع، لأن عملها هو الذي يكشف مصداقية العمل الاتحادي ويؤثر في إمكانية تطور اللعبة وشعبيتها. إن اندفاع الشباب لممارسة اللعبة سيمنح الاتحاد الفرعي والمركزي دوراً فاعلاً ومميزاً في انتشار اللعبة وتعزيز شعبيتها، وبالتالي نجاحها.

لكننا، للأسف، نواجه ركودًا واستقرارًا في العديد من الألعاب، حيث إن أنديتنا غير فاعلة في أداء دورها وممارسة ألعابها بحماس وجدية واندفاع، مما يؤدي إلى ضمور اللعبة وعدم قدرتها على التطور. وهذا ما يحدث في أغلب الأندية. إن الاتحادات الفرعية في المحافظات هي التي تساهم في تنشيط الاتحاد الرياضي المركزي، كما تبعث الحماسة في الأندية لممارسة ألعابها، وبالتالي تحقيق التطور. ويتحقق ذلك من خلال توسيع القاعدة والنشاط والحيوية، والابتعاد عن الإهمال والكسل.

أعزائي أعضاء الاتحادات الرياضية، لقد تواصل عملكم لأكثر من نصف قرن، والبعض تجاوز هذه الفترة، ولكنكم تنهضون في بعض الأيام وتغطون أعواماً أخرى. ولا شك أن هناك العديد من الحجج والأعذار التي تبرر ذلك، مثل التخصيصات المالية، وعدم توفر الساحات والملاعب للتدريبات، وعدم وجود الخبرات التدريبية... إلخ.

وأنا هنا أضع أمام القيادات الرياضية ضرورة وضع قيادات مسؤولة عن الاتحادات الرياضية، قيادات تمتلك القدرة والكفاءة على اختيار العناصر المؤهلة للعمل في الاتحادات الفرعية. وينبغي أن يتناسب عدد الأعضاء مع نوع اللعبة وأهميتها، بحيث لا يقل عدد أعضاء الاتحادات الفرعية في المحافظات عن خمسة ولا يزيد عن سبعة لضمان أداء دورهم بكفاءة واقتدار. يفضل في جميع الاتحادات أن يتم اختيار العناصر الكفوءة والوطنية ممن يكرسون خدماتهم للوطن، وأن يتم الوقوف بحزم ضد الأشخاص المشبوهين أو المتلاعبين بالمال العام. كما يجب الوقوف بحزم تجاه العناصر المحكوم عليها سابقًا بتهم مخلة بالشرف. ويجب أن يُفتح الطريق أمام الشباب من حملة الشهادات العليا وأبطال الرياضة والألعاب.

أحبائي العاملين في الاتحادات الرياضية، أنتم جميعكم مسؤولون عن واقع الرياضة في العراق. أنتم مدعوون لتصحيح المنهج الرياضي والسياسة الرياضية التي استمرت لعقود طويلة. ويجب أن يتم ذلك من خلال الدعوة لرياضة نظيفة خالية من الغش والفساد والمنشطات، والتلاعب بالمال العام. من يجد في نفسه عدم القدرة على تقديم الخدمة الوطنية الصادقة فعليه أن يغادر الميدان.

كما نؤكد على العاملين في الاتحادات المركزية أن يكونوا متفرغين للعمل ولديهم القدرة على حضور الاجتماعات الاتحادية، لأن الغيابات تؤدي إلى إضعاف عمل الاتحادات المركزية. كما نؤكد على ضرورة عدم الجمع بين الإدارة والتدريب، وفقًا لتعليمات المؤسسات الدولية. يجب تدقيق الشهادات الدراسية والتأكد من حصول المرشحين على الشهادات المطلوبة. ولا يتحقق ذلك إلا من خلال التعاون بين الطواقم الرياضية والمساهمة في العمل المشترك من أجل نشر اللعبة، والبحث عن المواهب والقدرات الفذة التي تساهم في نجاح تجربتنا الميدانية بعيدًا عن المنافع والمصالح الشخصية.