يقول الشاعر الراحل محمود درويش: مَنْ ليس له سكن، ليس له وطن!
استذكرت هذا المقطع الشعري عندما قرأت عبارة لأحد الاصدقاء نشرها على صفحته في الفيسبوك يقول فيها: حينما يقترب عمرك من الستين، ويكون أغلى حلم لديك أن تمتلك بيتاً لك ولعائلتك، فاعلم بأنك بلا وطن!
وقفت عندها كثيراً لأسترجع كلّ ما مرّ بي من أحداث وحكايات، وأنا أبحث عن حلمٍ عسى أن يتحقق ذات يوم، وهو امتلاك بيت لي ولعائلتي حيث انهكتني الايجارات، ليس حلماً، هو حقٌّ مشروع لكل مواطن في أي بقعة على وجه الأرض، لكنّه في بلاد ما بين النهرين وفي ظلّ حكومات متعاقبة همّها الحروب والعسكرتاريا والمحاصصة الطائفية المقيتة والفساد المستشري، بات حلماً في خيالات الملايين من أبناء هذا الوطن المبتلى بحكّامه للأسف الشديد!
حقُّ توفير السكن والعيش اللائق لكل مواطن كفله الدستور، لكن على الورق فقط، اذ الملايين من الفقراء وذوي الدخل المحدود والموظفين والمتقاعدين والكسبة يعيشون في بيوت بلا أدنى شروط السكن اللائق هذا، كَثُرَت العشوائيات وارتفعت تكاليف الايجارات فصار ربّ العائلة يعيش القلق والحيرة على مستقبل عائلته وأين سيؤول بها الحال فيما اذا عجز عن توفير ما يسدُّ به الايجار أو طُرِد من عشوائيته (بيت تجاوز) بحجّة المشاريع العمرانية الجديدة والتي هي عبارة عن حدائق ومتنزهات ومولات فقط دون أن نكلّف أنفسنا بسؤال: لماذا يتجاوز المرء ليبني له بيتاً دون ادنى مستوى للبيت الحقيقي!
هل فكّر مسؤول ما بأن توفير السكن والعيش اللائق للمواطن من أولويات واجباته كمسؤول وبلا أدنى منيّة؟!
لنتساءل قليلاً: ما الذي تحقق للمواطن سوى القلق والخراب في كل مرافق الحياة؟!
أين حلول أزمة السكن والعيش الرغيد والأمن والامان وتحسين الخدمات والقضاء على البطالة والمخدّرات والرشوة والمحسوبية والمحاصصة وتعيين الخرّيجين والشباب واعادة الحياة للمصانع والمزارع لنكون منتجين لا مستهلكين لكل شيء؟!
السكن حقّ مشروع للمواطن منذ ساعة الولادة، فكيف اذا وصل العمر به الى الستين وأكثر وصار هذا الحقُّ حلماً يتمناه في كل لحظة؟!
التفتوا قليلاً الى المواطن وحقّقوا حلمه بسكن يليق به كعراقي،لا تشيحوا بوجوهكم عن أحلامه هذه (الحقوق التي كفلها الدستور) وتتركوه في ضياعه، فأنتم راحلون طال الزمان أم قصر وللتاريخ لسان!