اخر الاخبار

أصبح طالب اللجوء العراقي كالمستجير من الرمضاء بالنار، رغم أنه حرق البخور لاستجلاب الدعاء، وهو يحمل حلمه، ويتوجه إلى أرض الاحلام (بلد اللجوء) وهو يمني النفس في الخلاص من الكوابيس، ولهذا لا يدع قلبه يتلفت إلى الوراء كي لا يضعف، وقد يحرق أحيانا كل سفنه، ويؤجر كل أحلامه للمهرب، فيكتشف بعد فوات الأوان، إنه مثل الطير الذي يرى حبة تحت الثلج، فأما أن ينزل يلتقطها ويدفع غالة جوعه بها أو أن يموت بطلقة الصياد، وهذا هو الأكثر احتمالا.

 ربما ينجو اللاجئ ويجري تعميده كمنفي، أو قد يذهب غرقا ليصبح طعما للإسماك، أو يقتل على الاسلاك الشائكة رميا بالرصاص أو بتعذيب رجال الحدود أو في متاهات المهربين، كما حدث مع طالبي اللجوء العراقيين العالقين بين حدود بيلاروسيا ولتوانيا، والأمر لا يحمل الدهشة أو التعجب. ثم تطوى الأخبار، بعد أن يعلن مذيعو الفضائيات انتهاء نشرة اليوم. وفي اليوم الثاني يعلنون عن حوادث اللاجئين، وهكذا إلى أن يمل الناس من تكرارها ومن شكاوى حقوق الانسان والمنظمات الدولية.

 ورغم هذا الموت المعلن للاجئين العراقيين والاعتداءات التي يتعرضون لها، فبعض الدول الأوروبية مدت لسانها ضدهم، ليس هذا بل حملت السلطات العراقية مسؤولية السماح لهم للذهاب إلى بلاروسيا التي اتخذوها محطة للعبور في هجرة غير شرعية إلى أوروبا عبر بوابة لتوانيا، من دون أن تدين عمليات القتل أو الاعتداء عليهم، رغم أن القوانين الدولية كفلت حق طلب اللجوء كمبدأ إنساني، واعتبرت عدم حماية اللاجئ جريمة سياسية بامتياز وعملا مدانا بكل الأعراف.

كما ان السلطات العراقية في موقف لا يحسد عليه، واكتفت بقرار جلب العراقيين العالقين في بيلاروسيا إلى أرض الوطن. ولم تحمل نفسها مسؤولية عدم حماية المواطن العراقي، عندما كان في رعايتها وتركته للأقدار في تحديد مصيره، ولم تتوقف ولو لحظة لمعرفة أسباب هجرة العراقيين، ومن أوصلهم إلى هذا الحضيض. فهنالك الكثير من الأسباب التي تجبر المواطن وخصوصا الشباب منهم للهجرة واختيار المنافي.

ومعروف أن جزءا كبيرا من شعبنا العراقي بين مشرد في الداخل والخارج، ويصل عددهم أكثر من أربعة ملايين مواطن.

فالمنتفضون يلاحقهم كاتم الصوت، والانتخابات تدور الوجوه الفاسدة، وأمراء الطوائف والمليشيات يسرحون ويمرحون، والفقر يلاحق المواطن كالوباء، أذ وصلت نسبته في عموم العراق بحدود22% وفي بعض المحافظات تصل إلى 50%، وموارد الدولة تهدر وتسرق وعلى عينك يا حاجب، والبطالة تنازع الشباب مستقبلهم وحياتهم أيضا، والخريجون منهم، يطرقون الأبواب ولا يفتح لهم باب التعيين، ولا يجدون لهم في الوقت نفسه وظائف في القطاع الخاص (المدمر أصلا)، بالإضافة إلى غلاء الأسعار وانعدام الخدمات من ماء وكهرباء وصحة وسكن يحفظ أدميتهم. وحتى الذي يموت تكون جنازته وقبره من مال المحسنين، ولسان حاله يقول: (أين حقي)!

عرض مقالات: