مر عام كامل على عملية "طوفان الأقصى"، وما زالت عجلة الانتقام والقتل والابادة الجماعية الصهيونية تدور وتزيد كل يوم من اعداد الشهداء والضحايا والمصابين والمهجرين قسرا، والمزيد من الخراب والدمار، فيما جرى تحويل قطاع غزة الى ارض محروقة بلا بشر، وربما غير صالحة للعيش لآماد قد تطول.
ولم يكتف الصهاينة بذلك، بل عملوا على توسيع اعتداءاتهم الاجرامية ضد قطاع غزة والشعب الفلسطيني، فامتدت يد العدوان والغدر الى لبنان أيضا، حيث طالت ابناءه وعاصمته ومدنه وقراه.
يجري كل هذا وقد يأتي الأسوأ، ما دامت شهية حكام دولة الاحتلال مفتوحة على القتل والاغتيالات، وما دامت الماكنة الصهيونية المجرمة تحظى بهذا الدعم المكشوف واللااخلاقي من الإدارة الامريكية وحلفائها، ووسط مواقف مخزية عربية وإسلامية رسمية، بقيت مشلولة دون حراك فعلي وجدي لايقاف هذا الظلم الصهيوني المنفلت، وتقديم الدعم الفعلي لتعزيز قدرات التحدي والصمود والمقاومة.
والأكثر من هذا انه فيما تنتصر دول أخرى لقضية الشعب الفلسطيني، وتتصدى لعدوان الصهاينة وتتضامن مع الشعب اللبناني، وتعمل على لجم العدوان وايقافه ومحاكمة المجرمين القتلة ، فان دول التطبيع مع الكيان المحتل، كأنها لم تسمع بما يجري للشعبين الفلسطيني واللبناني، وكأنها لا ترى هذا القتل اليومي والخراب الذي تخطى كل الحدود، فيما ردت مشاهد الاطفال والنساء وكبار السن الذين يبحثون عن مأوى، نار الحقد الصهيوني على كل ما تتشدق به الإدارة القابعة في البيت الأسود بواشنطن، وتبريرها جرائم الاحتلال بالزعم انها دفاع عن النفس. فاي دفاع عن النفس هذا الذي صار إبادة جماعية بشرية شاملة، وبلغ الامر منع حتى وصول المساعدات الإنسانية ، الغذائية والدوائية وغيرهما؟
هذا الانحياز الواضح الأمريكي والغربي، هو الذي يطيل أمد العدوان، ما يجعل واشنطن وعواصم الغرب عامة شريكا فعليا فيه، رغم ما تطلق من وعود يمزقها ما تقدمه من دعم واسناد مفتوح للماكنة العسكرية الصهيونية. والغريب انهم يطالبون المعتدى عليهم بان يمتنعوا عن التصعيد والحرب الشاملة، في حين لا ينبسون هم بكلمة ادانة لهذه الجرائم الوحشية المرتكبة، ولا يتوقفون عن الاعلان بكل صلافة ووقاحة انهم مسؤولون عن حماية الكيان الصهيوني وأمنه. فمن يحمي شعب فلسطين ولبنان وشعوبنا من جرائم الصهاينة المدعومة؟
عام كامل من الاستباحة والقتل والدماء الزكية التي تهدر، ولا يحرك ذلك في منطقتنا الا القليل من التضامن والمساعدة والدعم، ومن الضغط على الحكام، فيما شهدنا العكس في اصقاع أخرى من العالم ، وهو ما يستحق التقدير والتثمين .
ان ما يحصل اليوم، شأن تجارب مريرة قبله، يؤشر مجددا بأن لا استقرار ولا أمان في المنطقة، الا بالتوجه الجدي لتصحيح الخطيئة التاريخية بحق الشعب الفلسطيني، وان تتضافر كل الجهود من اجل ان يتمتع بحقوقه كاملة بما فيها إقامة دولته الوطنية المستقلة كاملة السيادة على ارضه.
انها أيام صعبة هذه التي يعيشها اليوم الشعبان الفلسطيني واللبناني. ولكن لا خيار للشعبين ولشعوبنا عموما وقواها الوطنية الحقة، الا المقاومة والتحدي ودحر المشروع الصهيوني، الذي يبدو للأسف ان هناك حتى اليوم من لا يدرك مخاطره الحالية والمستقبلية.
وسيتوقف الكثير في مسار الاحداث وتطوراتها على إرادة شعوب المنطقة، وقدرتها على توفير مستلزمات مقاومة المشروع وخلق شروط ذلك، وفي المقدمة فرض أنظمة وحكومات وطنية تستجيب لتلك الإرادة، وتوفر لشعوبنا الأمان والاستقرار والحياة الكريمة والحريات الحقيقية.