لقد استمر العراق في كل العهود الماضية، ومنذ بناء الدولة العراقية الحديثة عام 1921 حتى اليوم، استمر فقيراً في الإنشاء والتعمير، وإن تواصلت بعض الجهود الخيرة من اجل القيام ببعض الخطوات الفقيرة. وما دام حديثنا واضحاً وصريحاً في المجال الرياضي فقد كانت اولى الخطوات بناء ملعب الكشافة في ثلاثينيات القرن الماضي، وكذلك بناء ملعب الموانئ في المعقل خلال فترة الاربعينيات، وفي مطلع الخمسينيات تم تشييد بعض الملاعب للادارات المحلية في بعض المحافظات. هذا كل ما كان عندنا من ملاعب خاصة بالرياضة، وهذه الملاعب خاصة فقط بكرة القدم، واليوم وبعد ثورة 14 تموز 1958 تحركت عجلة الاعمار والبناء وكان للرياضة استحقاقاتها فظهر ملعب الشعب الدولي وكان عبارة عن مجمع رياضي كبير، وبعض الملاعب هنا وهناك، ومع التغيير الذي حل بالوطن يوم 9/4/2003 وجدنا أن الحكومات المتعاقبة ورغم الثروات الهائلة التي انصبت على الوطن، الا انها ركزت في عطائها على انشاء ملاعب لكرة القدم وكأن الرياضة العراقية هي كرة قدم فقط، متناسين بقية الألعاب الرياضية التي تهواها الجماهير وتعشقها الملايين. لقد بقي العراق ومن خلال حكوماته المتعاقبة حريصاً على اللعبة الشعبية الأولى كرة القدم، ومتناسياً بقية الألعاب الرياضية، واستطيع ان أقول بان رياضتنا اقتصرت على كرة القدم (وأصبحت عرجاء) فالدعم والمساندة لكرة القدم والمنح والهبات المالية لكرة القدم والاعلام والمحطات الفضائية لكرة القدم، ولا شيء الا لكرة القدم، وبسبب هذه السياسة وهذا المنهج الخاطئ اصبحنا كإعلام رياضي مقصرين جداً وعاجزين عن مقاومة هذا السيل الواسع والكبير لكرة القدم. هنا أجد نفسي عاجزاً عن إيجاد الحل المناسب للمساهمة في إنقاذ رياضتنا من (وحدانية التفكير) وتخليصها من شبح كرة القدم، فالاتحادات الرياضية المركزية وكل الألعاب الرياضية ـ بحدود أربعين اتحاداً رياضياً ـ منها اتحادات اولمبية وهي بحدود خمسة وعشرين اتحادا، وهناك اتحادات غير اولمبية بحدود خمسة عشر اتحاداً، وهذه الاتحادات مشمولة بمنح مالية ولها روادها وممارسي العابها، وهي تشكل ثقلاً مالياً على الدولة العراقية ومقرات ورواتب لموظفيها. وانا هنا اناشد المؤسسة الأولمبية بان تنظم عمل هذه الاتحادات، وتحاول تقليص هذه الاتحادات غير الفاعلة، والتي ليس لها أعداد من الهواة وكذلك السعي لإيجاد مقر موحد لجميع الاتحادات للحد من ظاهرة التبذير والتشتت والهدر المالي (كتبنا ذلك في مقال سابق). وهنا ادخل في صلب الموضوع الذي تأثرت به جميع الاتحادات الرياضية حيث ان البنى التحتية لكل الألعاب غير جاهزة وغير متوفرة، لان قادة المؤسسات الرياضية لم يهتموا بوجود قاعة هنا او هناك او مضمار او ساحة لسباقات السيارات، أو ملعبا خاصا لألعاب الساحة والميدان او قاعة لكرة السلة او لكرة الطائرة، وقاعة للملاكمة خاصة باتحادهم او مثلها للمصارعة للتدريب عليها. ان ما متوفر لدينا من قاعات وبمواصفات مقبولة هي فقط قاعة الشعب، وانها مفتوحة لجميع الألعاب الرياضية والنشاطات الجماهيرية وهذا الواقع لا يسمح لرياضتنا ان تستقطب كل النشاطات والألعاب الرياضية. بعد هذا الاستعراض أجدكم قد اطلعتم على هذا الواقع الحزين للبنية التحتية للمنشآت الرياضية، واننا رغم هذه (الجعجعة لم نر طحيناً). كيف تتطور رياضتنا والعابها ونحن لا نمتلك قاعات وملاعب ومضامير ومسابح تسهم في نهوض هذه الألعاب، ونستطيع ان نطور ألعابنا ونحن لا نمتلك بنية تحتية لكي تستوعب هواة هذه الألعاب وممارسيها.
ان الواجب الوطني والمهمة الرياضية لقادة المؤسسة الرياضية ودعاة تطويرها ودفعها الى امام وتحقيق الإنجاز العالي والحصول على ميدالية اولمبية فلا بد ان نشد العزم ونقدم لرياضتنا الوعود والعهود ولشعبنا الاماني والآمال في غد رياضي مشرف، وان يكون عملنا جاداً ومتواصلاً بين الاعمار وإنجاز البنى التحتية لرياضة الإنجاز العالي، اما ان نبقى على المواعيد والاماني فقد تكون خسائرنا كبيرة والقادم اصعب.